يعيش محبو كرة القدم حالة من الترقب والحماس لبداية بطولة كأس العالم للمنتخبات التي تقام كل أربع سنوات، وتستضيف دولة قطر هذه النسخة التي تحتضنها أرض عربية لأول مرة بالتاريخ في نهاية العام الجاري. وكالعادة يترقب العشاق سطوع نجم العديد من المواهب الواعدة، بينما لا يغفلون عن حقيقة أنها قد تكون آخر نسخة يظهر فيها عدد من النجوم الذين أمتعونا لسنوات بسبب تقدمهم بالعمر، المؤشر الذي يُنذر بقرب نهاية حقبة مليئة بالأساطير واللاعبين المميزين. ويعتلي رأس قائمة أبرز هؤلاء اللاعبين الأسطورة الحية والقائد الحالي للأرجنتين ليونيل ميسي (35 عامًا). ومَثل ميسي «التانجو» في أربع نسخ من هذه البطولة، ويسعى للانضمام لقائمة اللاعبين الذين ظهروا في خمس نسخ بتاريخ البطولة، حيثُ لَعب (19) مباراة مع المنتخب، هز فيها شباك منافسيه ب(6) أهداف. سَجل «الليو» أولها ضد منتخب صربيا والجبل الأسود بالمباراة التي جمعتهما في بطولة كأس العالم 2006، وكان هدفه الوحيد بتلك النسخة التي انتهت بمغادرته بعد خسارة الأرجنتين بدور ربع النهائي ضد ألمانيا. وكانت بطولة كأس العالم 2010 الأسوأ من حيث السجل التهديفي لميسي، بعد أن غاب عن التسجيل رغم وصول «التانجو» لربع النهائي وخروجها من أمام ألمانيا أيضًا. ليعود ليونيل في مونديال 2014 ويزور شباك خصوم منتخبه أربع مرات، بعد أن سجل (هدفا) ضد البوسنة والهرسك، وإيران (هدف)، ونيجيريا (هدفان)، قبل أن تنهي ألمانيا أفضل المشاركات «لليو» بفوزها بالمباراة النهائية بهدف نظيف في آخر دقائق المباراة. وغادرت الأرجنتين بطولة كأس العالم 2018 بعد خسارتها في دور ال16 ضد فرنسا بطلة تلك النسخة بأربعة أهداف نظيفة، ولم يسجل ميسي إلا (هدفا) وحيدا أمام نيجيريا في دور المجموعات. وكما هو الحال مع ميسي، فقد شارك نجم البرتغال الأول والقائد التاريخي كرستيانو رونالدو (37 عامًا) في أربع نسخ من بطولة كأس العالم، بدايةً من مونديال 2006 مرورًا بنُسخ 2010 و2014، وصولاً لمونديال روسيا 2018. ولعِب «صاروخ ماديرا» لمنتخب بلاده (17) مباراة خلال مشاركاته عبر التاريخ في هذه البطولة، تمكن فيها من تسجيل (7) أهداف. أحرز «الدون» أولها في المونديال التاريخي عام 2006، حيث سجل (هدفا) أمام منتخب إيران، وانتهت تلك المشاركة «للبورتوغيز» بإقصاء من البطولة في نصف النهائي ضد الوصيفة فرنسا. وتمكن البرتغالي من زيادة رصيده التهديفي في مونديال 2010، بعد تسجيله (هدفا) أمام منتخب كوريا الشمالية، لينتهي مشواره بالبطولة بعد الخسارة من بطلتها إسبانيا في دور ال16. وحمل كرستيانو آمال بلاده مجددًا في نسخة 2014، ونجح بتسجيل هدف وحيد، قبل توديع منتخب بلاده للبطولة من دور المجموعات. ووصل «الدون» في مونديال 2018 لأكبر سجل تهديفي له بتاريخ مشاركاته، بعد أن أوقف إسبانيا بالمباراة المثيرة بإحرازه (لثلاثة أهداف)، وتسجيله هدفا ضد المغرب، قبل أن تخسر البرتغال أمام الأوروغواي بدور ال16. وتحتوي قائِمة «الكِبار» أيضًا على اسم الفرنسي كريم بنزيمة (34 عامًا)، والذي مثل «الديوك» في كأس العالم في (5) مباريات، كانت جميعها بمونديال 2014. سجل «البنز» من خلالها هدفين أمام الهندوراس، وضد سويسرا هدف، لينتهي مشواره بهزيمة فرنسا أمام ألمانيا بطلة العالم بتلك النسخة في دور ربع النهائي. ويعد المهاجم الأوروغوياني لويس سواريز (35 عاما) مع من تحزن الجماهير على وداعهم قريبًا، والذي أرتدى شِعار بلاده في (12) لقاء سجل خلالها ستة أهداف. وكان أول ظهور «للمسدس» بكأس العالم 2010، حيث سجل هدفا أمام المكسيك، وهدفين ضد كوريا الجنوبية، واشتهر بحادثة طرده القتالية التي أهلت بلاده من دور ربع النهائي أمام غانا قبل أن تغادر الأوروغواي من نصف النهائي بهزيمتها من هولندا. وظَهر سواريز في مونديال 2014 على استحياء ليسجل هدفين أمام إنجلترا، ويغادر البطولة بعد خسارة منتخب بلاده في دور الستة عشر من كولمبيا. وبكأس العالم الأخير للمنتخبات في روسيا 2018، سجل لويس هدفا أمام السعودية، وحقق هدفا أمام روسيا، لكنه خرج من البطولة بخسارة من بطلة تلك النسخة فرنسا في دور الستة عشر. ولا يختفي من الأذهان روبرت ليفاندوفسكي 34 عاما، مكينة الأهداف البولندية التي تعطلت بمنافسات كأس العالم، بعد أن شارك في نسخة 2018 فقط، ولعب فيها (3) لقاءات، ولم يسجل أي هدف ليغادر من دور المجموعات، ويُعد مونديال قطر ثاني مشاركته. ويسعى نجم ويلز الأول غاريث بيل (33 عامًا)، لتقديم بلاده بصورة مشرفه بأول مشاركاته في بطولة كأس العالم للمنتخبات القادمة، والتي قد تكون الأخيرة. وتضم القائمة الكرواتي لوكا مودريتش (37 عامًا)، الذي شارك في (12) مباراة بقميص بلاده في بطولة كأس العالم ورصيده (هدفان) فقط، وهو ظهر لأول مرة مع المنتخب الأول في مونديال 2006، قبل أن يغادر البطولة من دور المجموعات ولم يتمكن من تسجيل أي هدف. ولم تتمكن كرواتيا من المشاركة في كأس العالم 2010، لتعود ومعها لوكا في نسخة 2014 لكن لم يحالفه الحظ بالتسجيل وغادر من المجموعات. وفاجأ مودريتش الجميع بأجمل ظهور له في مونديال 2018، سجل من خلاله هدفا أمام نيجيريا، وأحرز آخرا أمام الأرجنتين، ليقود «الأمير» منتخب بلاده لنهائي البطولة قبل أن يخسره ضد فرنسا، ويحقق جائزة أفضل لاعب بالبطولة. وقد تودع إسبانيا آخر ركائز جيلها الذهبي بمنتصف الميدان سيرجيو بوسكيتس (34 عامًا)، والذي مثلها في (13) مباراة، ولم يُحرز أي هدف بالمونديال رغم بصمته الفارقة في وسط الملعب. وتُوج بوسكيتس مع «الماتادور» ببطولة كأس العالم في أول مشاركاته بنسخة 2010، والتي حصدوها بعد فوزهم على هولندا، ليعود البطل بالمستوى الهزيل الذي شاهده العالم في مونديال 2014 ويغادر من دور المجموعات. وبالرغم من وجود سيرجيو أساسيًا في أربع لقاءات خاضها بكأس العالم 2018، إلا أنه خرج من البطولة بعد خسارة إسبانيا لركلات الجزاء أمام المستضيف روسيا. وتُعتبر إنجلترا قد ضَحت بكفاءة اللاعبين الوطنيين بسبب تركيزها على زيادة قوة البريميرليغ، ويعد جوردن هندرسون (32 عامًا) قائد خط الوسط الذي قد يشارك بكأس العالم للمرة الأخيره، من قلة لاعبيها المميزين. وارتدى هندرسون قميص الإنجليز بهذه البطولة (7) مرات، كان أولها في مونديال 2014 الذي غادره بنقطة وحيدة من دور المجموعات بعد مفاجئة كوستاريكا للعالم بتلك النسخة. وبالنسخة التي تليها في عام 2018، كاد هيندرسون أن يتسبب بخروج منتخب بلاده من دور ال16 بعد أن أضاع ركلة ترجيح ضد كولومبيا قبل أن تتأهل إنجلترا لدور نصف النهائي من البطولة وتخسر أمام الوصيف كرواتيا، لينهي أحد أفضل لاعبي خط الوسط مشاركاته بلا أي هدف في رصيده. ويدافع البرازيلي المخضرم تياغو سيلفا (38 عامًا) عن منتخب بلاده لآخر مرة بكأس العالم، بعد أن مَثل «السيليساو» في (8) مباريات بتاريخ المونديال واستطاع من خلالها تسجيل هدفين. وتميز سيلفا بضبط خط الدفاع بنسخة 2014 حتى أحرز هدفا أمام كولمبيا في دور ربع النهائي ليساهم بتأهل فريقه، ولكن غيابه في نصف النهائي بسبب تراكم الإنذارات، كان له أثر في مغادرة «السامبا» بعد تلقيها (سبعة أهداف) من ألمانيا. وحضر تياغو في مونديال 2018 ليلعب جميع مباريات البطولة ويسجل هدفا ضد صربيا، لكن لم يحالفه الحظ بكتابة التاريخ بعد خسارة البرازيل أمام بلجيكا بدور ال16. وتعزى ألمانيا نفسها بقُرب سقوط جدار برلين الثاني الحارس مانويل نوير (36 عامًا)، الذي شارك في 16 لقاء، خرج منها بشباك نظيفة 6 مرات واستقبلت شباكه فيها 11 هدفا. حيث ظهر للمرة الأولى أمام العالم في مونديال 2010، واستقبل هدفا وحيد بدور المجموعات من صربيا، وهُزت شباكه من أنجلترا (بهدف)، لينهي تلك النسخة بعد خروجه من بطلتها إسبانيا في دور نصف النهائي (بهدف) كارلوس بويل. وانعكس استبساله في حماية العرين بكأس العالم 2014 على مستوى الفريق بتتويج «المانشافت» بطلاً للمونديال للمرة الرابعة، إذ لم يستقبل إلا هدفين من غانا بدور المجموعات، وأوقف الجزائر رغم إحرازها هدفا في مرماه، ليسكُن آخر هدف من البرازيل في شباكه بنصف النهائي. وقُتلت أحلام نوير وهو يحمل شارة القيادة لأول مرة بكأس العالم 2018، بعدما نجحت المكسيك بإحراز هدف ضده، ومثلها السويد بتسجيل هدف، لتُأكد كوريا الجنوبية خروج ألمانيا من دور المجموعات بعد إحرازها (هدفين). وتستمتع الجماهير بعناد الحارس المكسيكي غييرمو أوتشوا (37 عامًا )، بالرغم من ظهوره في بطولة كأس العالم في (8) مباريات فقط، وخروجه بشباك نظيفة (3) مرات واستقباله (9) أهداف، وقد يكون مونديال قطر 2022 آخر مشاركاته. وأثبت «الأخطبوط المكسيكي» نفسه في كأس العالم 2014 بعد استقباله هدفا وحيدا من كرواتيا بدور المجموعات، وإيقافه لهجوم البرازيل بمباراة حياته كما سماها بعد اللقاء، وعلى الرغم من فوزه بجائزة رجل المباراة للمرة الثانية بدور ال16 ضد هولندا استقبل هدفين في مرماه، لتغادر المكسيك البطولة. واستمر غييرمو بإيقافه للمنتخبات الكبيرة بعد نظافة شباكه في أول مباراة له بمونديال 2018، ولم تثبت شباكه بعد ذلك، إذ هزتها كوريا بهدف، وأحرقتها السويد بثلاثة أهداف كان أحدها بنيران صديقه ألفاريز، لتختم البرازيل السجل بهدفين بدور ال16. وعلى صعيد منتخبنا الوطني قد يحمل سلمان الفرج 33 عامًا، شارة القيادة لأول وآخر مرة في بطولة كأس العالم على أراضي دولة قطر الشقيقه 2022، ويحمل «الجوكر» في رصيد مشاركاته هدفا وحيدا ضد مصر بعد أن مثل «الصقور» ب(3) مباريات بمونديال 2018. ومع ختام المونديال القادم، وكما هو الحال الدائم لكرة القدم، سنشهد بداية «مسلسل الاعتزالات» الدولية، ونهاية حقبة الأساطير واللاعبين المميزين.