مرة أخرى تعود بطولة كأس العالم لقارة أوروبا حيث كانت إسبانيا هي البلد المنظم للنسخة ال 12 لمونديال عام 1982. وحينها أقر «الفيفا» تغييراً جديداً وأعلن زيادة عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم، لتصبح 24 منتخباً بدلاً من 16 منتخباً وهو العدد الذي كان محدداً فيما مضى من نسخ سابقة، وكانت هذه الزيادة سبباً في أن ترفع إسبانيا استعداداتها أكثر من أي دولة مضت، وعلى الرغم من زيادة عدد المنتخبات إلا أن هولندا فشلت من الوصول إلى النهائيات، إذ غادرت من التصفيات التمهيدية لقارة أوروبا، وترك المقعدين الأول والثاني لصالح المنتخبين الفرنسي والبلجيكي، ولكن زيادة عدد المنتخبات جاءت بالنفع لقارة آسيا وأفريقيا، وتأهلت الكويت لأول مرة في تاريخها إلى مونديال كأس العالم، وسجلت أولوية المشاركة كأول منتخب آسيوي عربي يحط رحاله في النهائيات المونديالية، وجاءت الجزائر لتمثيل القارة الأفريقية بعد مصر وتونس والمغرب التي شاركت فيما مضى من نسخ، وكان منتخب المكسيك هو أحد الغائبين البارزين عن المونديال الإسباني، فيما شارك منتخب إيرلندا للمرة الأولى بتاريخه الكروي. وتكونت مجموعات كأس العالم من ست مجموعات تضم كل واحدة أربعة منتخبات، يتأهل الأول والثاني من كل مجموعة، ويتم تشكيل أربع مجموعات للأدوار النهائية، يتأهل منها المركز الأول لخوض مباريات نصف النهائي، وجاءت المجموعة الأولى التي احتضنت إسبانيا وإيرلندا الشمالية ويوغوسلافيا وهنداروس، لتتأهل إسبانيا وإيرلندا للمرحلة الثانية، وتأهلت عن المجموعة الثانية بولندا وإيطاليا وخرجت الكاميرون وبيرو، فيما ضمت المجموعة الثالثة منتخب العرب الجزائروتشيلي وهما اللذان غادرا المجموعة في وقت تأهلت ألمانيا الغربية والنمسا للأدوار المتقدمة. عن المجموعة الرابعة تأهلت بلجيكاوالأرجنتين وغادرت المجر والسلفادور، وفي المجموعة الخامسة حسم منتخب إنجلترا تأهله باكراً بالمركز الأول ورافقه ثانياً فرنسا، فيما جاء منتخب تشيكوسلوفاكيا ثالثاً وحل المنتخب الخليجي الكويت رابعاً دونما أن يحقق أي فوز، وعن المجموعة الأخيرة تأهلت البرازيل والاتحاد السوفيتي في مجموعة ضمت إلى جوارهما إسكتلندا ونيوزلندا. الجزائر على الرغم من أنها غادرت من الدور الأول، إلا أنها قدمت مستوى كبيراً في مشاركتها الأولى، وكانت قاب قوسين أو أدنى من أن تحط رحالها في الدور الثاني، فالمنتخب العربي الأفريقي تساوى بعدد النقاط مع منتخبي ألمانيا الغربية والنمسا، لكن فارق الأهداف لعب دوره لصالح المنتخب الأوروبي، لتغادر الجزائر خالية الوفاض من المحفل العالمي، وقد هزمت ألمانيا الغربية 2-1 بفضل هدفي رابح ماجر ولخضر بلومي، وعلى الرغم من خسارتها أمام النمسا 2 - صفر، إلا أنها استطاعت أن تقدم مباراة كبيرة أمام تشيلي وتغلبت عليه 3-2 دونما أن تشفع هذه المستويات للجزائر من العبور نحو الدور الثاني، اما المنتخب العربي الثاني في هذه النسخة الكويت فابتدأ مشواره على نحو جيد إذ تعادل إيجابياً أمام جمهورية تشيكوسلوفاكيا بفضل هدف فيصل الدخيل، لكنه خسر المباراتين الأخيرتين أمام فرنسا 1-4 وأمام إنجلترا صفر-1، ليودع البطولة من دور المجموعات متذيلاً سلم ترتيب مجموعته. الدور الثاني ضم أربع مجموعات، تشكلت الأولى من بولندا والاتحاد السوفيتي وبلجيكا، وتواجدت إسبانيا في المجموعة الثانية إلى جانب ألمانيا الغربية وإنجلترا، ولعبت إيطاليا إلى جانب البرازيلوالأرجنتين في المجموعة الثالثة، فيما وقعت إيرلندا الشمالية في المجموعة الأخيرة مع فرنساوالنمسا. الأرجنتين بطل النسخة الأخيرة، غادرت الدور الثاني متذيلة ترتيب مجموعتها، في وقت حاول منتخب إنجلترا لكنه فشل أمام قوة ألمانيا الغربية، وتأهلت بولندا وفرنسا عن المجموعتين الأولى والرابعة لنصف النهائي. من النوادر التي تشهدها نسخ كأس العالم، غياب المنتخب المستضيف عن نصف النهائي، لكن إسبانيا فعلتها هذه النسخة وفشلت من الوصول إلى المربع الذهبي، الذي التقى فيه منتخب إيطاليا بنظيره البولندي، ولم يجد الطليان أي صعوبة في الوصول إلى المباراة النهائية، في ظل امتلاكهم للهداف الكبير باولو روسي الذي سجل هدفي الفوز في الشباك البولندية، ولعبت ألمانيا الغربية وفرنسا مباراة حامية الوطيس، وانقضت أشواطها الأصلية والإضافية بنتيجة متعادلة 3-3 ، ليتجه المنتخبان إلى ركلات الترجيح والتي حسمت النتيجة لمصلحة ألمانيا الغربية، لتكون هذه المباراة الأولى في تاريخ كؤوس العالم يتم اللجوء فيها إلى ركلات الترجيح. ففي المباراة النهائية فوق ملعب سانتياغو بيرنابيو بمدريد، كانت المباراة متوازنة بين المنتخبين، وانقضى شوطها الأول صفر-صفر، وفي الشوط الثاني تفجرت طاقات اللاعبين الطليان وأمطروا شباك ألمانيا 3-صفر تناوب على تسجيلها باولو روسي ثم ماركو تارديلي وأخيراً ألتوبيللي، وقبل أن تلفظ المباراة أنفاسها الأخيرة سجل بول برايتنر هدف تقليص الفارق، والذي لم يكن ليغير شيئاً من نتيجة المباراة التي حسمت بفضل الأهداف الثلاث لصالح إيطاليا، والتي توجت بثالث ألقابها المونديالية. وشهدت البطولة كثافة تهديفية حيث سجلت المنتخبات 146 هدفاً طوال مجريات البطولة، كان لمنتخب فرنسا النصيب الأكبر بواقع 16 على الرغم من احتلال المنتخب المركز الرابع في الترتيب النهائي لمنتخبات البطولة، وصاحب المركز الخامس منتخب البرازيل سجل ثاني أكبر عدد أهداف بواقع 15 هدفاً، فيما سجل بطل النسخة إيطاليا ووصيفه ألمانيا 12 وهو العدد المساوي لما سجله منتخب المجر صاحب المركز 14 في ترتيب البطولة، واستطاعت جميع المنتخبات المشاركة أن تسجل أهدافاً في مباريات البطولة. أهداف إيطاليا ال12، جاء نصفها بأقدام المهاجم باولو روسي والذي حصد لقب هداف البطولة بستة أهداف، وهو اللاعب الذي لم يكن الطليان يعولون عليه الكثير، فقد كان للتو انتهى من تنفيذ عقوبة الإيقاف لمدة عامين، بسبب تورطه بفضيحة تلاعب بنتائج المباريات، لكنه عاد من الإيقاف وصنع لنفسه مجداً ظل عالقاً في تاريخ الكرة الإيطالية، وبخمسة أهداف جاء الألماني كارل هاينز رومينيجه ثانياً في سلم ترتيب الهدافين، وحل البرازيلي زيكو ثالثاً بأربعة أهداف متساوياً مع البولندي زيبي بونييك. البطولة شهدت حادثة مشبوهة، إذ توجهت أصابع الاتهام للاعبي منتخبي ألمانيا الغربية والنمسا، بالتواطؤ في نتيجة مباراتهم الأخيرة من دور المجموعات، فعندما تقدمت ألمانيا بهدف دون رد، كانت هذه النتيجة كفيلة في أن تصل بهم إلى الدور الثاني مع النمسا، وترمي بالجزائر إلى خارج البطولة، ليستمر اللاعبون في تمرير الكرة وتناقلها فيما بينهم وسط الملعب، وهي الحادثة التي أعادت الضغط على اتحاد اللعبة الدولي، في توحيد مواقيت المباراة الحاسمة، لاسيما وأن هذه الحادثة تتكرر للنسخة الثانية على التوالي، بعدما حدثت في مباراة بيرو والأرجنتين عام 1978. كذلك مباراة فرنسا والكويت شهدت حدثاً غريباً، ففي الوقت الذي اقترب لاعبو فرنسا من مرمى الكويت، توقف المدافعون الكويتيون عن ملاحقة هجوم فرنسا بسبب سماعهم صوت صافرة، توهموا أنها من حكم المباراة، ليتكمن الفرنسي ألاين غيريسي من تسجيلها هدفاً في وقت كان لاعبو الكويت يتفرجون على الكرة وهي تسكن شباكهم، رئيس اتحاد كرة القدم الكويتي فهد الأحمد الصباح، نزل من مقعده في منصة المباراة إلى أرضية الملعب، ودخل في نقاش مع حكم المباراة وتمكن من إقناعه بإلغاء الهدف، وهو القرار الذي اتخذه الحكم ميروسلاف ستوبا بعدما تشاور مع الحكم المساعد، لتسجل سابقة في تاريخ كؤوس العالم بإلغاء هدف بعد احتسابه. البطولة شهدت المشاركة الأولى لأسطورة الأرجنتين دييغو ارماندو مارادونا وبقميص الرقم عشرة دخل اللاعب الشاب لملاعب إسبانيا بموهبته الفذة. ايطاليا بطلة العالم إيطاليا أخرجت البرازيل لقاء المانيا