«يا أخي المسلم».. كان هذا هو عنوان أول برنامج إذاعي، بدأه الكاتب الراحل عن عالمنا مساء الخميس الماضي الأستاذ عبد الله الجعيثن وهو بالمرحلة الثانوية، وكان البرنامج باكورة مشوار طويل استمر قرابة 25 عامًا، قدم خلالها برامج متنوعة يومية وأسبوعية، في إذاعتي جدة والرياض، فضلاً عن مقالاته الشيقة، في عديد من الصحف والمجلات، داخل المملكة وخارجها. كان - رحمه الله - من العقول النيرة التي حملت مشعل المعرفة، منذ مرحلة مبكرة في عمر هذا الوطن، وأحد أعمدة الكتابة الاجتماعية، وخسارتنا فيه كبيرة، فهو كما قال عنه معالي وزير التجارة، وزير الإعلام المكلف ماجد عبدالله القصبي: «كان كاتبًا مميزًا، ترك لنا إرثًا ثقافيًا، وإعلاميًا كبيرًا». وعندما تقرأ سيرته الذاتية ستُعجب به أكثر، فقد توظف بشهادة الكفاءة، وعُيِّن معيداً بكلية اللغة العربية بمجرد تخرجه، ثم بعد 8 سنوات تقريباً من عمله سكرتيراً للمعهد العالي للقضاء، استقال، وتفرغ للكتابة. وقد ثقف نفسه ذاتياً بقراءة مراجع المحاسبة، والاقتصاد، حتى برع في عالم الأسهم، ورغم ذلك فإن معظم كتاباته (أكثر من خمسين كتاباً) كانت في الجانب الاجتماعي وليس الاقتصادي، ومن أبرز هذه المؤلفات: «فن الاستمتاع بالحياة»، و»تجاربهم مع السعادة»، و»ذكريات ضاحكة»، و»الشعر الإسلامي في العصر العباسي». ويُستثنى منها كتاب واحد تقريباً بالاقتصاد، نشره عام 1992م بعنوان: «كيف تستثمر أموالك في الأسهم؟»، واحتفظ بنسخة منه وأشرت عليه - رحمه الله - بإعادة طباعته، ورد بأن الأسواق اختلفت والقناعات تغيرت، ورغم أنه نفد من السوق إلا أنه لم يعد طبعه كما يفعل البعض، فقد كان صادقًا مع نفسه ومع القراء، فبعد أن تغيرت الأسواق لم يعد محتوى الكتاب يلهم القراء ما يريدونه من معرفة. رحم الله الكاتب المتنوع، الذي أثرانا معرفياً واستمتعنا بمقالاته الشيقة المتنوعة طوال حياته، التي امتدت لسبعين عاماً تقريباً، ونسأل الله أن ييسر حسابه، ويشمله بعفوه ورضاه، ويجبر قلوب أهله وأحبابه، إنا لله وإنا إليه راجعون.