ثلاث محطات في رحلة مهرجان "القهوة السعودية" الذي أطلقته هيئة فنون الطهي بالتعاون مع وزارة الثقافة، بداية من الرياض ثم جدة وإلى الظهران وبواقع ثلاثة أيام في كل مدينة، متضمناً فعاليات ثقافية حافلة بالأنشطة التي عكست أهمية القهوة السعودية وأبرزت دلالاتها الحضارية، مبرهنة على اقتران القهوة بهوية المجتمع السعودي عبر تاريخ زاخر يربط القهوة بعادات المجتمع وتقاليده الأصيلة. استعرض المهرجان الذي يأتي ضمن أنشطة مبادرة "عام القهوة السعودية 2022" وبدعم من برنامج جودة الحياة "أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030"، في محطاته المتنوعة أبرز الأدوات المستخدمة في تحضير القهوة السعودية والأساليب المتبعة في تجهيزها وتقديمها، معرفاً الزوار على المكونات الفريدة التي تتميز بها القهوة في المملكة حسب اختلاف مناطقها. تجربة مهرجان "القهوة السعودية" بالنسبة للزائر مستوحاة من طقوس القهوة والعادات المرتبطة بها منذ وقت قديم، حتى اكتسبت طابعاً مختلفاً ومزايا خاصة بكل فنجال، تنوعت دلالاتها بين أربعة فناجيل؛ وهي:"فنجال الهيف، فنجال الضيف، فنجال الكيف، فنجال السيف"، بسلسلة ممتدة من العلاقة المتينة مع القهوة السعودية وكرم الضيافة. تبدأ ب "فنجال الهيف" الذي يخص المضيف ومرحلة تذوق القهوة والتأكد من صلاحيتها وأنها جديرة بأن تقدم وتمنح للضيف، وباعتبارها الممارسة الفردية والاختبار للنكهة والرغبة في انغماس الضيف في لحظة تعبر عن الحفاوة وتكون مؤهلة للتذكر. ومن ثم "فنجال الضيف" بوصفه أول مظاهر التفاعل والتواصل والتجسيد الملموس للترحيب والكرم، لغة حوار غير منطوقة بين الضيف والمضيف. ويأتي "فنجال الكيف" معبراً عن الألفة وهي المسافة التي تتضاءل فيها الاعتبارات الرسمية، وأخيراً "فنجال السيف" وهو أشبه ما يكون بعقد وثيقة واتفاقية ملزمة بوقوف الضيف في صف المضيف؛ مشاركته الحرب والمعركة والسراء والضراء وأنه معه في كل ما يحتاجه. عادات اقتبست رمزيتها وحققت مكانتها بالمعاني التي أعتاد الأجداد الامتثال لها وتوارثها الأجيال، موروث يعطي أهمية وقيمة لكل فنجال لأنه جزء من التواصل المجتمعي والأعراف التي تختزل الكثير من المفاهيم في تفاصيل صغيرة وعميقة الأثر. وخلال المهرجان عكفت وزارة الثقافة ممثلة في هيئة فنون الطهي على إبراز قيمة القهوة السعودية والاهتمام بتفاصيلها عبر تجسيد طقوس تقديمها وأداوت تحضيرها وإعدادها، لتأخذ الزائر في رحلة ممتدة عبر التاريخ، بعرضها ل "المحماس" وهو آلة تصنع من الحديد أو النحاس، وتستخدم لحمس القهوة على النار عبر تقليب وتحريك البن. وكذلك "المبرد" المصنوع من الخشب أو الخوص لتبريد البن المحمص. بالإضافة إلى "النجر" ويسمى "الهاون"، وهو كتلة مجوفة من الحجر أو النحاس يستعمل في طحن حبوب البن، أو الهيل. ومن ثم نقله في عرض حي لمرحلة الإعداد من خلال "المعاميل، والتي تشتمل على: المطباخة لغلي القهوة، المصفاة وهي أكبر الدلال، المبهارة وهي الدلة التي تحوي البهارات، الزل أو الترمس وهي الدلة التي تقدم بها القهوة، والفنجال وهو الإناء الذي تشرب فيه القهوة. هذا كما حفل عام القهوة باستعراض الوزارة للتنوع الثقافي للمملكة من خلال مهرجان القهوة وحضور القهوة في عدد من المحافل والتفعيلات الثقافية، وذلك بإظهار اللمسة المتخلفة لكل منطقة في إعدادها والتي تضفي عليها مذاقاً مختلفاً ونكهة مميزة، تجتمع في البن كونه المكون الأساسي في كل الوصفات مع اختلاف درجة الحمص، وتتميز ببعض الإضافات؛ بحيث أن القهوة في المنطقة الوسطى تحوي الهيل والقرنفل والزعفران، وفي المنطقة الشمالية تحوي الهيل فقط، أما المنطقة الشرقية فإنها تعتمد على الهيل وقليل من الزعفران، وفي المنطقة الغربية تتكون من الهيل والزعفران والمستكة، في حين أن القهوة في المنطقة الجنوبية تشتمل على الهيل والزنجبيل والزعفران والقرفة والقرنفل والشمرة. مع تفاوت الكمية لكل منها بحسب الذائقة. عادات وتفاصيل تميزت بها القهوة السعودية في التجهيز والتحضير، وأبرزها "عام القهوة السعودية" عبر مبادررات وفعاليات أطلقتها وزارة الثقافة لتعزيز مكانة القهوة واكتشاف تفاصيلها ودلالاتها، مبرهنة على مكانة القهوة السعودية كرمز من رموز ثقافة المملكة الأصيلة.