الكتابة من أقدس وأعظم الفنون لا سيّما أن الله تعالى قد أقسم بالقلم، ما يفرض على كل ممسك به أن يؤدي حقه، وإن تنوعت أدوات الكتابة غير أن الأداء واحد لا خلاف عليه، ومما يفرضه هذا القَسَم على كل كاتب وأديب -شاعراً كان أو قاصاً أو راوياً أو معبراً عن رأيه أو رأي مجتمعه- أن ينافح بفكره ورأيه وشعره عن وطنه وقيادة وطنه ومجتمعه وأن يكون مناضلاً بنبض الكلمة، مقنعاً بسلاسة الطرح، ملهماً بسحر البيان، تعانق كلماته الأرواح نغماً وتوقع ترانيمه عمقاً وصدى يقرع الوجدان، حاثاً بها على الأخلاق والآداب والقوانين التي تهذب السلوك وتوحد الصفوف وتهدم شتى أنواع الفرقة والخلاف بين أبناء هذه الأرض المباركة وإن اختلفت انتماءاتهم القبلية والمذهبية، فكل من أنجبته تربتها هو ابن لها وكما أن له حق عليها لها حق عليه.. وأن يُذكر دوماً بالتسامح ودرء العنصرية ونبذها ونبذ التطرف بأنواعه ودحض الشبهات فيما لا تسعه العقول من انحرافات أخلاقية، والحث على اتباع القوانين التي تسنها الدولة لينهل منها النشء والمجتمع أجمع بالكلمة المنمقة والفكرة المحنكة، متقلداً عنان الحب الوطني الصادق بمزج أنيق لقوة العاطفة وصدق الشعور وعذوبة اللفظ. وعلينا أن نوحد الهدف والغاية لإحياء روح الوطنية في القلوب وإذكاء شعلة الولاء لهذا الوطن الخالد، ونذكر في كل مجلس ومحفل أن ما نتمتع به من خيرات لم ولن نجدها في سواه، ولن يهنأ أيٌّ من أبنائه بالعيش على غير أرضه، بل إنا نجد أن كل من أقام فيه من شتى بقاع الأرض يودُّ لو أن يفنى على ترابه، وذلك بفضل الكريم المنّان الذي حبانا القبلتين المباركتين وآثار الأمم السابقة، والخيرات النابعة من تربته والثروات المتنوعة وما لا يحصيه عاد، ثم سخّر لها بفضله قيادةً حكيمةً راسخة وشعباً عظيماً مخلصاً.. وكل ذلك وأكثر يُلزمنا أن نسقي غراس هذا الوطن من مناهلنا أعذب مواردها.. ونهديه من بنات أفكارنا أرق محاسنها ومن قلوبنا أصدق مشاعرها. ودمتم والوطن وقيادتنا الرشيدة بألف خير. *كاتبة رأي ومؤلفة