في الوقت الذي رمت الأممالمتحدة والمجتمع الدولي لتمديد الهدنة لنصف عام آخر، لتخفيف الأزمة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني، والانطلاق نحو الهدنة الشاملة وبدء مشاورات من أجل عملية سلام دائم. وفي الوقت الذي وافقت فيه الحكومة اليمنية أيضا على تمديد الهدنة. أعلنت ميليشيات الحوثي رفضها مقترح الأممالمتحدة، مبدية إصرارها على تنفيذ شروطها، وتضمينها ضمن بنود توسعة الهدنة وتمديدها، ورفع سقف المطالبة الابتزازية، سواء من الشرعية أو المجتمع الدولي وتنفيذ هجمات إرهابية ضد المواقع والثكنات العسكرية في عدد من المحافظات، حيث أكدت مصادر أممية ل"الرياض" أن اليمنيين متخوفون من عودة شبح الحرب جراء تصعيد الانقلاب ورفضه تنفيذ بنود الهدنة التي انتهت الأحد الماضي، وعدم رفع الحصار عن مدينة تعز. وحملت مصادر في الحكومة اليمنية في تصريحات مسؤولية عودة الاقتتال على ميليشيات الحوثي بسبب تعنتها وتهديدها بعودة الحرب. وقال وزير الإعلام اليمني الأرياني عائدات الحوثي من الحديدة منذ الهدنة تكفي لدفع رواتب الموظفين بمناطق سيطرتهم مؤكدا أن الأحداث كشفت للرأي العام والعالم عن عرقلة الحوثيين لجهود السلام. والتعنت الحوثي إزاء تمديد الهدنة، قابلته مرونة من جانب الحكومة اليمنية، التي أكدت أنها ستتعامل بإيجابية مع المقترح الجديد الذي تلقته السبت من مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن هانز غروندبرغ بشأن تمديد الهدنة وتوسيعها، انطلاقا من حرصها ودعمها للجهود الرامية إلى تخفيف المعاناة الإنسانية لجميع اليمنيين دون تمييز. وعلى الرغم من حالة الحراك الدبلوماسي والجهود الدولية الداعمة لتمديد الهدنة في اليمن وتوسيعها لفترة أطول، إلا أن الحوثيين أعلنوا رفض تمديد الهدنة، تزامنا مع تهديدات أطلقها المتحدث العسكري باسم الحوثيين عن إمكانية عودة الحرب مجددا، فور انتهاء الهدنة. ووضع الحوثيون شروطا إجبارية وتعسفية وتعنتية، بهدف إفشال الهدنة مطالبين أن يتم صرف مرتبات موظفي قطاعات الدولة في مناطق سيطرتهم من عائدات مبيعات النفط الخام والغاز في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، إلى جانب تمسكهم بفتح طرق فرعية في مدينة تعز المحاصرة منذ 8 سنوات، غير التي تم التوافق عليها قبيل انطلاق الهدنة في أبريل الماضي. وتؤكد الحكومة اليمنية أن الحوثيين يقومون بالاستيلاء على الإيرادات المالية لمواني الحديدة الخاضعة لسيطرتهم، بدلا من تسخيرها لدفع مرتبات المواطنين وفقا لكشوفات الرواتب في العام 2014، إلى جانب رفضهم فتح طرق تعز والمدن الأخرى، وفق التزاماتهم تجاه الهدنة. وأكد عبدالله العليمي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن جماعة الحوثي "أبعد ما تكون" عن كونها شريكا في السلام، مشيرا إلى أنها لم تتعامل مع الهدنة كفرصة للتخفيف من المعاناة الإنسانية، وأوضح أن الجماعة المسلحة اعتبرت الهدنة "معركة سياسية وفرض إرادات وتجاهلا تاما لمعاناة الشعب اليمني وفرصة للابتزاز، وقدمت نفسها كأداة خارجية تضع المصالح الإيرانية فوق اعتبارات مصالح الشعب اليمني". وأعلن المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ، عن فشل التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة في اليمن، مؤكدا أنه سيستمر في العمل مع كلا الجانبين لمحاولة إيجاد حلول، داعيا إلى الحفاظ على الهدوء والامتناع عن أي شكل من أشكال الاستفزازات أو الأعمال التي قد تؤدي إلى تصعيد أكبر. وعبر غروندبرغ عن أسفه لعدم التوصل لاتفاق على تمديد الهدنة بعد انتهاء سريانها معربا عن شكره للحكومة اليمنية على التعاطي بإيجابية مع مقترح تمديد الهدنة، ودعا رئيس ما يسمى ب"المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين الشركات النفطية والملاحية الأجنبية العاملة في اليمن إلى إيقاف أنشطتها بشكل كامل في البلاد، ابتداء من مساء الأحد. فيما شددت كل من الولاياتالمتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والصين على ضرورة تمديد الهدنة وتوسعتها، نظرا لانعكاساتها الإيجابية على حياة اليمنيين خلال الأشهر الماضية، داعية جميع الأطراف إلى الانخراط البناء مع جهود مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن. وطوال الأشهر الستة الماضية من عمر الهدنة اليمنية، لم تبد جماعة الحوثي أي التزام تجاه بنودها خاصة في ما يتعلق بفتح الطرقات في مدينة تعز المحاصرة والمحافظات الأخرى، ورفضها دفع مرتبات موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها من عائدات سفن المشتقات النفطية الواصلة إلى ميناء الحديدة، إلى جانب استمرارها بارتكاب خروقات ضد الجيش اليمني، ومواصلتها عمليات التحشيد العسكري في أكثر من محافظة. وفور انتهاء الهدنة هددت الميليشيات بعودة الحرب مجددا، وهدفت المساعي الأممية إلى تمديد الهدنة لأطول فترة ممكنة، حيث أعاد المبعوث الأممي طرح مقترح توسيع الهدنة الجارية، والتي أعلنت خلال التمديد الأخير في 2 أغسطس الماضي، في ظل مخاوف من انهيارها بعد حالة التحشيد والاستعراضات العسكرية بين الأطراف اليمنية خلال الأيام الماضية، وقال مصدر حكومي إن "المقترح الذي قدمه المبعوث الأممي، يشمل توسيع الرحلات لمطار صنعاء، وزيادة سفن الوقود بالحديدة، وفتح الطرقات في مدينة تعز وغيرها من المحافظات، وأيضاً توحيد الإيرادات وصرف الرواتب في كلّ المحافظات اليمنية بناء على كشوفات الموظفين في 2014 قبل سيطرة الحوثيين". وأضاف المصدر أن "مدة التمديد التي وردت في المقترح ستة أشهر، وهذه المقترحات هي نفسها لم تتغير قبل محادثات إعلان التمديد السابق للهدنة قبل شهرين. من جهته، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن قلقه بسبب عدم تمديد الهدنة في اليمن، محذرا من أن الوضع الإنساني الخطير في اليمن يمثل أولوية عاجلة، وأن إنهاء الهدنة سوف يعيد الأزمة خطوات للوراء، ويسعي الحوثيون للحصول على مكاسب أكبر من تمديد الهدنة، في تسليم الرواتب بمناطق سيطرتهم، مستغلين الاهتمام الدولي الكبير بها. في المقابل، تحرص الحكومة اليمنية فتح الطرق في مدينة تعز، والتي هي من البنود الأساسية منذ إعلان الهدنة في 2 إبريل الماضي، حيث رفض الحوثيون فتح الطرق بعد جولتين من المباحثات التي تمت في الأردن برعاية أممية في مايو الماضي، بالإضافة إلى أنها تتهم الحوثيين بنهب إيرادات المشتقات النفطية، وعدم الالتزام باتفاق استوكهولم 13 ديسمبر 2018، بصرف رواتب الموظفين من عائدات المشتقات النفطية. وكان رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي التقى، بمبعوث الأممالمتحدة، وذلك قبيل بساعات من انتهاء الهدنةً بعد إعلان ميليشيا الحوثي ضمنياً رفض مقترح أممي لتوسيعها وتمديدها. وجدد التزام حكومته بنهج السلام العادل والمستدام على أساس المرجعيات المتفق عليها وطنيا، وإقليميا ودوليا وخصوصا القرار 2216. وفي 2 إبريل الماضي، بدأت هدنة بين الحكومة الشرعية اليمنية والحوثيين، وتم تمديدها مرتين، لمدة شهرين في كل مرة. وشمل الاتفاق السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي الذي كان يستقبل فقط طائرات المساعدات منذ 2016، وهو ما مثّل بارقة أمل نادرة بنهاية الحرب التي أوقدها الحوثي. .