لقد كان هذا الأسبوع أسبوعاً حزيناً، بينما نستوعب الأخبار المتعلقة بوفاة جلالة الملكة إليزابيث الثانية. لقد كانت متواجدة طوال فترة حياتنا، واعتلت العرش لمدة 70 عامًا مبهرة، حيث احتفلنا بعيد ميلاد الملكة لهذا العام من خلال عدة حفلات أقيمت في الرياضوجدة. علماً بأن جميع من يعملون حاليا في السلك الدبلوماسي أو القوات المسلحة في المملكة المتحدة لا يعرفون عاهلاً غيرها. لقد تشرفت بلقائها في مناسبتين، المرة الأولى لفترة وجيزة للغاية، والمرة الثانية كانت لفترة أطول قليلاً عندما كان لدينا أنا وزوجتي مقابلة معها قبل أن أبدأ عملي في الرياض. وكنت أتوقع اجتماع مجاملة قصيراً مدته عشر دقائق، بيد أنني وجدت نفسي أجيب على أسئلة مفصلة وأسمع قصصها ليس فقط عن المملكة العربية السعودية، بل عن كافة الدول العربية التي زارتها والقادة الذين قابلتهم. لقد أعاد لي ذلك ما يقوله الكتُّاب دائماً عن اتساع أفقها وعمق تجربتها. فبالنسبة لها، كانت 30 دقيقة من يومها. ولكن بالنسبة لي، فقد كان ذلك لقاء لن أنساه أبداً. تلقينا خلال الأيام الماضية رسائل التعازي الطيبة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لقد غمرتني رسائل التعزية من الأصدقاء والزملاء السعوديين، من جميع القطاعات المختلفة، وكلهم يقولون نفس الشيء أن الملكة، التي اشتهرت بزيارة المملكة العربية السعودية في عام 1979، كانت محبوبة ومحترمة للغاية في المملكة، كما هو الحال في أي مكان آخر في العالم. لقد تأثرنا جميعاً في السفارة بهذه المشاعر والأفعال الطيبة والكريمة من قبل أصدقائنا السعوديين. لقد زارت جلالة الملكة إليزابيث الثانية الرياض والظهران في فبراير 1979. وخلال الزيارة استضافها الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، وحضرت سلسلة من الفعاليات، بما في ذلك نزهة صحراوية وعشاءً رسمياً في قصر المعذر بالرياض. وخلال الفترة فقط من عام 2011 إلى 2021، كان هناك 40 لقاءً بين أسرة آل وندسور (العائلة المالكة في بريطانيا) وأسرة آل سعود. وقد عُقد أحد هذه الاجتماعات في مارس 2018، عندما قام سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد، بزيارة إلى المملكة المتحدة، التقى خلالها بجلالة الملكة وتناول الغداء معها. وقد استضافه أمير ويلز آنذاك، الملك تشارلز الثالث حاليا، على العشاء خلال نفس الزيارة. وفي عام 2003 ، حل ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود آنذاك ضيفًا على الملكة في قلعة بالمورال. وفي تلك المناسبة، سألت الملكة، التي عملت سابقا كسائق وميكانيكي خلال الحرب، عما إذا كان سموه يرغب في الذهاب في جولة حول بالمورال. وقد ورد أن سموه قد اندهش -في عديد من النواحي- للسرعة التي قادت بها السيارة! ويتذكر الناس على اختلافهم جلالة الملكة لأسباب مختلفة. فقد كانت لديها قدرة نادرة على القيام بالأفعال والأقوال الدقيقة والمناسبة في مناسبات الذكرى، مثل الذكرى السبعين لنهاية الحرب العالمية الثانية وأثناء جائحة كوفيد-19. إلا أنني أيضًا قد أحببت روح الدعابة والمرح التي كانت تتألق بهما دائمًا. ويتذكر الكثيرون منكم حفل الافتتاح الرائع لأولمبياد لندن 2012. فقد كان هناك الكثير من اللحظات الرائعة، غير أن أكثر اللحظات التي لا تنسى بالنسبة لي كانت مقطع الفيديو الساخر الذي قدمته مع جيمس بوند حيث ظهر كلاهما بالمظلة في الاستاد الأولمبي. ولا يزال مقطع الفيديو الخاص بها وهي تتناول الشاي مع دب بادينجتون خلال احتفالاتها باليوبيل البلاتيني في وقت سابق من العام الجاري، يجعلني أبتسم. إن هناك أموراً رسمية يتوجب علينا اتباعها في المملكة المتحدة في مثل هذه المناسبات الحزينة، ففي خلال الفترة التي تسبق إقامة الجنازة اليوم، قمنا بفتح كتاب التعازي ونكست الأعلام في السفارة البريطانية بالرياض والقنصلية في جدة. وستبقى ذكرى جلالة الملكة إليزابيث الثانية خالدة إلى الأبد لالتزامها الثابت بالخدمة؛ وكما قال الملك تشارلز الثالث "إن الملكة إليزابيث كانت حياة عيشت بشكل جيد؛ ووعد مع القدر تم الوفاء به، وقد حزن الجميع لوفاتها للغاية". ونحن نقدر اللطف والمشاعر الطيبة من قبل أصدقائنا السعوديين في هذا الوقت العصيب للغاية. * سفير المملكة المتحدة لدى المملكة العربية السعودية نيل كرومبتون