أكد الرئيس فلاديمير بوتين خلال المنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك في أقصى الشرق الروسي، أن عزل روسيا "مستحيل" رغم "حمى العقوبات" الغربية مشيدا "بالدور المتزايد" لآسيا التي تعول عليها موسكو أكثر فأكثر. ففي حين تريد الدول الغربية تحديد سقف لسعر المحروقات الروسية لمعاقبة موسكو على غزوها أوكرانيا، هدد بوتين بوقف أمدادات الغاز والنفط الروسيين تماما في حال أقر هذا الإجراء. إزاء عزلتها المتزايدة وتدهور علاقاتها مع الغرب، سرعت موسكو توجهها نحو الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا، على أمل إيجاد أسواق وموردين جدد يحلّون محل ما خسرته بفعل العقوبات الأميركية والأوروبية. وفي ظل هذه الأجواء شارك بوتين في هذا المنتدى الاقتصادي المهم استراتيجيا لروسيا في مدينة فلاديفوستوك الروسية المطلة على المحيط الهادئ بحضور مسؤولين آسيويين كبار عدة. وأكد الرئيس الروسي "بغض النظر عن مدى رغبة البعض في عزل روسيا، من المستحيل تحقيق ذلك". وأشاد في كلمته خصوصا ب"الدور المتزايد" لمطقة آسيا-المحيط الهادئ في شؤون العالم خلافا للغرب الذي قال أنه يتقهقر فيما ينخره "التضخم". وأشار إلى أن "تغيرات لا رجعة فيها سجلت على صعيد العلاقات الدولية برمتها". "لا نفط ولا غاز" وفي خضم حرب حول مصادر الطاقة بين موسكو والدول الغربية، هدد بوتين بوقف الامدادات في حال تحديد سقف أسعار المحروقات الروسية. وبعد مجموعة السبع التي دعت إلى تحديد سقف لسعر بيع النفط الروسي، اقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين فرض سقف لسعر الغاز الروسي. وقالت فون دير لايين لصحافيين "الهدف هنا واضح جدًا. علينا قطع مداخيل روسيا التي يستخدمها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لتمويل حربه الوحشية على أوكرانيا". ولكن بوتين كان حازمًا في هذا الخصوص بقوله "لن نرسل أي شيء على الإطلاق إذا تعارض مع مصالحنا، مصالحنا (الاقتصادية) في هذه الحالة. لا غاز، لا نفط، لا فحم، لا زيت وقود، لا شيء". وفي ظل توتر علاقته بالقادة الأوربيين، اغتنم بوتين فرصة مجيء مسؤولين آسيويين إلى فلاديفوستوك ليحدث تقاربا أكبر معهم. فأجرى محادثات مع زعيم المجلس العسكري الحاكم في بورما مين أونغ هلاينغ مشيدا بالعلاقات "الإيجابية" بين روسيا وبورما ومع رئيس وزراء منغوليا لوفسانامسراي ايون اردن. ومن ضمن برنامج بوتين لقاء مع رئيس اللجنة الدائمة للجمعية الوطنية الشعبية الصيني لي تشانشو، ثالث أعلى مسؤول في الصين. وتريد روسيا إحداث تقارب أكبر مع الصين إن على الصعيد الاقتصادي أو الأمني. بموازاة منتدى فلاديفوستوك، أجرت موسكو تدريبات عسكرية واسعة النطاق في الشرق الأقصى الروسي في الأيام الأخيرة، بمشاركة عسكريين من دول حليفة عدة بينها الصين. وأشرف بوتين على هذه المناورات بنفسه الثلاثاء. "حمى العقوبات" تمّر بكين، من جهتها، بأزمة دبلوماسية مع الولاياتالمتحدة، خصوصًا منذ زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان في آب/أغسطس. وحرص بوتين على إدراج روسيا في جبهة مشتركة في مواجهة الغرب، معتبرا أن العقوبات التي تستهدف موسكو تشكل تهديدا للاقتصاد العالمي. وأكد أن جائحة كوفيد-19 "استُبدلت بتحديات دولية أخرى، تهدد العالم بأسره". وأوضح "أعني حمى العقوبات الغربية". ودان الرئيس الروسي "الرفض العنيد للنخب الغربية لرؤية الحقائق" و"الهيمنة المراوغة للولايات المتحدة" في فرض عقوبات قاسية على موسكو. وفي مواجهة "العدوان التكنولوجي والمالي والاقتصادي للغرب"، قال بوتين إنه سعيد "بابتعاد (الاقتصاد الروسي) شيئًا فشيئا" عن الدولار واليورو والجنيه الاسترليني معتبرا أنها "عملات لا يمكن الاعتماد عليها" واقترابه من اليوان الصيني خصوصا. الثلاثاء، أعلنت مجموعة "غازبروم" الروسية العملاقة للطاقة أن الصين ستبدأ تسديد ثمن شحنات الغاز الروسي بالروبل واليوان بدلا من الدولار.