بعض الموظفين العاملين في مجالي المالية والمشتريات، يستشيروني في فكرة تغيير مساراتهم المهنية إلى مجالات أخرى، وكنت أشير عليهم بأنه إذا كنت قد سلكت مجالك عن قناعة منذ الأساس، فالأفضل ألا تعمد إلى تغيير المسار. فنحن لا نزال نحتاج إلى أعداد كبيرة من الكفاءات السعودية في المالية والمشتريات، فالبقاء والصمود مطلوب من العاملين لسد الفجوات الحاصلة في سوق العمل هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فالمشكلات التي تواجهها حالياً في العمل ليست مبرراً كافياً يجعلك تنهار وتغير مسارك المهني إلى مسار آخر مختلف، فقرار تغيير المسار المهني يجب أن ينطلق من قناعة الموظف أن مساره الحالي لا يخدم طموحاته في المستقبل. ومما نلاحظ في كثير من منشآت القطاع الخاص أن وظائف المالية والمشتريات يشغلها غير السعوديين، مما يعني أننا لم نصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء، علما إنني حاولت البحث عن إحصائيات عن أعداد الباحثين عن عمل من حملة الدبلوم والبكالوريوس في تخصص المحاسبة، وكذلك أعداد السعوديين العاملين في مجالي المحاسبة والمشتريات في القطاع الخاص، لكنني لم أعثر على مبتغاي، مما يعيد لنا أهمية بناء منظومة معلومات سوق العمل الذي تحدثنا عنه الأسبوع الماضي. وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية طبقت مطلع يونيو 2021 قرار توطين المهن المحاسبية بهدف توطين 30 % من إجمالي عدد العاملين ذوي المهن المحاسبية في المنشآت التي يعمل بها 5 عاملين فأكثر من أصحاب تلك المهن، واشترطت الوزارة لاحتساب المحاسب السعودي في نسبة التوطين المفروضة ألا يقل أجره الشهري المسجل في التأمينات الاجتماعية (الأجر الخاضع للاشتراك) عن 6,000 ريال لحملة البكالوريوس، و4,500 ريال لحملة الدبلوم. وقد شمل القرار 17 مهنة مصنفة كمهن محاسبية بحسب التصنيف المهني المعتمد من قبل الوزارة من ضمنها وظائف محاسبية إشرافية مثل: مدير حسابات، مدير ميزانية، مدير مراجعة داخلية، مدير خزينة. وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على تطبيق قرار توطين المهن المحاسبية، إلا إنه لا توجد أرقام رسمية توضح العدد الفعلي للمستفيدين من هذا القرار، سوى توقعات سابقة للوزارة بأن القرار يستهدف توطين 20 ألف وظيفة في المحاسبة بنهاية العام الجاري. أما فيما يخص المشتريات، فإن وزارة الموارد البشرية كانت قد أعلنت في فبراير الماضي عن سعيها إلى توطين مهن المشتريات، لكن لم يصدر بعد ذلك أي تحديث حتى نشر هذا المقال. وإذا كانت الوزارة قد حددت نسبة 30 % لتوطين الوظائف المحاسبية (أتمنى أن ترفع قريباً)، فإنه بمقدورنا تجاوزها وتحديد نسب توطين أعلى لوظائف المشتريات تصل إلى 100 % مع التدرج في التطبيق. في الختام، نؤكد أن تمكين السعوديين في مجالي المالية والمشتريات ودعمهم للاستمرار وتشجيعهم في بيئات عمل قد لا تكون محفزة، مع تسريع ومضاعفة جهودنا في توطين هذه المجالات، كل ذلك يصب في مصلحة تعزيز الأمن الاقتصادي.