نظرة ثاقبة على أدوات ومعايير الأدب النسائي السعودي في السنوات السابقة مما لا شك فيه أن المرأة السعودية مُبدعة ولها صولات وجولات في جميع أنواع الأدب الشعر والأُغنية -وإن كُنّا قليلات وتحت اسم مستعار- والرواية والقصة القصيرة لم تختلف هذه المعايير عن السابق إلا في أنّ سقفها أصبح أعلى، فظهرت لنا أديبات وروائيات بعدد كبير لا يُستهان به، وعلى السياق نفسه تكاثر عدد المطبوعات والصحف الورقية والإلكترونية والمنتديات الإلكترونية والمواقع الأدبية التي تحتضن هذه الأقلام السعودية النابضة بالجمال واللّغة وإتقان النثر والشّعر وكافّة سلسلة الأدب العربي الجميل. لو عرّجنا قليلاً على بعض الأسماء التي عرفناها فلا ننسى الشاعرة الكبيرة سلطانة السديري أطال الله في عمرها، كانت من شاعرات العصر السعودي الحديث، وشعرها سلس واضح رقيق، يُلامس القلب والرّوح من قصائدها المُغنّاة، والتي غنّاها المطرب الراحل طلال مداح. وغزالة مرت بنا في ليلة وقت السحر.. أنا ناديتها أخت الهوى أخت الدراري والدرر هل تسمحين لعاشقٍ سلبت محاسنه منك الفكر غضبت وقالت يا فتى يا فاقداً كل النظر .. أنا ظبيةٌ حوريةٌ بنت الطبيعةُ والقدر عفواً ملاكي فاتني عفواً لمحموم هدر كم تذكرتُ سويعات الأصيل .. وصدى الهمساتِ ما بين النخيل أنت في حبك.. وأنا في حبي.. وأرى الذكرى دواء للعليل فاتقِ الله.. فاتقِ الله .. فاتقِ الله في حبي يا حبيب كانت كلمات بسيطة، جميلة المعنى، ذات موسيقى عالية، تُداعب الأشجان والنّفس. ولم تقِف المرأة السعودية عند الشّعر فهنالك الرواية، والتي تصدّرت فيها أسماء عديدة لسعوديات روائيات ناجحات، والبعض تُرجمت رواياتهن إلى لُغات غير اللغة العربيّة، وعلى سبيل المثال لا الحصر الروائية رجاء الصانع، والتي تُرجمت روايتها (بنات الرياض) إلى 40 لُغة، وهناك اقتباس يشدني دائماً في الرواية: "وهل الخط الفاصل في الدين هو نفس الخط المرسوم في عقل الشاب النجدي". نحن نتحدّث عن موهوبات قديمات وحديثات لم تمنعهن بعض العادات القبليّة من النشر والانتشار والتوسّع، يحق لنا أن نفتخر بأننا سعوديّات مارسنا الكتابة والأدب بِحرفنة رفيعة الجمال وموهبة رقيقة المعنى لنمحو بعض المُغالطات التي تُطال المرأة السعوديّة الموهوبة بأنّها مُندثِرة تحت رِمال سطوة المُجتمع الذكوري، وإن هناك معوقات لظهورها، نحن لا نُنكر أن فِعلاً هناك بعض الحدود والإطارات المُجتمعية التي تحترمها المرأة السعودية ولا تتخطاها ولكن في عصر التمكين لم يعد هُناك قيود غير منطقية لظهور المرأة ونشر مواهبها ومهاراتها وقُدراتها الفكريّة المُتميزة في إعطاء هوية الوطن ثُقلاً أدبيًّا نسائِياً يُفتخر به. الأدب النسائي السعودي المُعاصِر تطوّر من القِلّة إلى الكَثرة، ومنِ التخفّي خلف الأسماء المستعارة إلى الإعلان وضوحاً بمُلكية الفِكرة اسماً وقبيلة، ومازلنا نتطلّع إلى أجيال مقبلة من العنصر النسائي الأدبي لإكمال هذه العناقيد المُضيئة وحفر الصّخر لوضع بصمة سعوديّة خالدة.