قال أبو العتاهية: "بكيت على الشباب بدمع عيني.. فلم يغن البكاء ولا النحيب فيا ليت الشباب يعود يوما.. فأخبره بما فعل المشيب" المراهقة هي فترة عمرية تمر بالشباب والفتيات وتكون في الغالب من سن الخامسة عشرة إلى الواحد والعشرين، هي من الاضطراب والحدية والعصبية والمزاجية، وحب التمرد على أي سيطرة مع عدم حب الرقابة، والرغبة في الانطلاق والاكتشاف، وبُغض فرض الرأي عليهم، ولأن المراهقة فترة تغير جسمي ونفسي وعقلي وتكوني، فهي أخطر الفترات التي يمر بها الشباب وأكبر منزلق يمكن أن تتعثر فيه أقدامهم. وإذا لم يتم عنايتهم وتوجيههم بالشكل الصحيح المناسب وذلك لأنهم في فترة مُضطربة وقوية وصاخبة يزداد فيها الاندفاع والتهور وعدم تقدير العواقب، فما الواجب علينا كأب وأم أو حتى خالة وخال وعمة وعم في هذا الأمر؟ القرب المحبب من الأبناء، واتخاذهم أصدقاء، والاستماع لمشكلاتهم وأفكارهم، والإنصات لهم بأذن صاغية إن احتاج ذلك. وعلى الأهل احترام رغبات الأبناء وإعطاؤهم الفرصة للاعتماد على أنفسهم، وفسح المجال لهم ليشقوا طريقهم بأيديهم، وإن أخفقوا وأخطؤوا فالأخطاء طريق للتعلم. علينا الانتباه والحذر من استخدام نبرة التوبيخ والنهر والتسفيه مع الأبناء، والحرص على عدم استخدام أي لفظ جارح وقاهر للنفس معهم، وفسح المجال الكامل ليعبروا عن رأيهم من دون خوف أو خجل، والحرص على إظهار الفخر والاعتزاز بهم، وترك التركيز فقط على أخطائهم وزلاتهم، والحرص على اختيار الوقت المناسب لجلسة الحوار والتفاهم بين الأبوين والأبناء، وجعلها جلسة حُب وألفة وصداقة من دون تكلف أو تجمّل. وعلى الأبوين عدم الدخول مع الأبناء أثناء فترة المراهقة في مواجهات أو مُصادمات، والتسبب في إحراجهم أمام الآخرين، لأن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية وسلبية، والتأكيد على المراهق أنه أصبح مسؤولاً وعليه التزامات كبرى، وأنه لم يعد طفلاً، وأنه قادر على تحمل هذه المسؤوليات والالتزامات بنفسه، وغرس الثقة فيه، مع ملاحظته المستمرة وملء الفراغ عند الأبناء بالأعمال النافعة والهوايات المفيدة، وعدم تركهم عرضة للفوضى وفريسة سهلة للانحراف، وحثهم على ممارسة الرياضة بشكل منتظم، وتنمية القدرات واستقبال الحياة وصعوباتها بكل همة وصبر. وفي الختام أود أن أنصح من يقرأ هذا المقال وأقول له: "كفاك تذمراً، كفاك من كلماتك البائسة وانهض وبعثر شعورك المتلعثم، انهض لتبني حياتك، دع كلامهم لأنفسهم، فهم يصعدون على مرفقيك، اذهب لشغفك وتمسك بما يروق لك".