قبل نحو تسعة وخمسين عاماً سلفت، وبالتحديد في يوم السبت - عندما كان هذا اليوم هو أول يوم عمل من أيام الأسبوع وقبل أن يتحول ليكون اليوم الثاني في عطلة نهاية الأسبوع، وكان تاريخ هذا اليوم هو الأول من شهر محرم 1385ه أي أول يوم في ذلك العام الهجري والموافق الأول من مايو 1965م حين صدر العدد الأول من جريدة الرياض عن مؤسسة اليمامة الصحفية التي كان يصدر عنها حينها مجلة اليمامة الأسبوعية. وكانت هذه الجريدة اليومية هي الأولى في تاريخ عاصمة الوطن، وصدر عددها الأول في ست صفحات، وثمنها كان ثلاثة قروش فقط، وقد تزيَّن صدر صفحتها الأولى بصورة فريدة من عمر الطفولة للملك فيصل - رحمه الله -، وقد كتب الكلمة الافتتاحية والتي سميت كلمة الصحيفة وعنوانها «أمل وأمل» الشيخ ناصر المنقور - رحمه الله - الذي كان أحد أعضاء مجلس إدارة مؤسسة اليمامة الصحفية آنذاك، وقد قدمت الجريدة - ضمن عددها الأول كهدية للقراء بمناسبة انطلاقتها - خريطة لمدينة الرياض الحديثة، فليت جريدة الرياض تقوم بنشر العدد الأول على موقعها الإلكتروني مع تلك الخريطة ليتمكن قراء اليوم من رؤية كيف كانت عليه عاصمة الوطن قبل نصف قرن، وعلى صفحتها الثانية وفي مربع صغير في الجزء الأيسر من أعلى الصفحة كُتبت معلومات عن الصحيفة منها أنها جريدة يومية جامعة تصدرها مؤسسة اليمامة الصحفية، وأن نائب المدير العام للمؤسسة هو فهد الدغيثر، وأن المشرف على التحرير هو حمد الجاسر - رحمهما الله -، وأن قيمة الاشتراك السنوي أربعون ريالاً عدا أجرة البريد، وأن الإعلانات يتفق بشأنها مع إدارة المؤسسة، أما الصفحة الثالثة فقد خصصت للرأي وكتب فيها عدد من المقالات بأقلام عدد من الكتاب، منهم عبد المحسن التويجري وسعد البواردي وعمران العمران ومحمد السياري وعبد الله الخيال، ومقال واحد كتبته السيدة خيرية إبراهيم السقاف التي أصبحت بعدئذٍ عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وقد احتوى العدد في بعض صفحاته إعلانات حكومية وإعلانات من مؤسسة اليمامة الصحفية بطلب توظيف مصور ومحررين لجريدة الرياض. لقد ظهر هكذا الإصدار الأول من أول صحيفة يومية تصدر في عاصمة وطننا الغالي. وقد مرت جريدة الرياض خلال الخمسين عامًا الماضية بالعديد من مراحل التطور الفني والصحفي إدارة وتحريرًا وطباعة وإخراجًا؛ إذ امتلكت أحدث أنواع المطابع عالميًا وتحولت طباعتها إلى الألوان، وزاد عدد صفحاتها ليصل إلى نحو المئة صفحة، وصار يُنشر في العدد الواحد منها أكثر من رسم كاريكاتيري، أما الإعلانات وخصوصًا التجارية فقد أصبحت المؤسسات التجارية تتنافس وتتسابق للفوز بمكان لإعلاناتها في صحيفة الرياض وخصوصًا الصفحة الأولى أو الأخيرة منها. ولقد كتب فيها عدد من الأقلام الرجالية والنسائية منهم الأستاذ عبد الله القرعاوي والذي عمل مديرًا عاماً للمؤسسة، والأستاذ فهد العريفي الذي أصبح هو أيضًا مديرًا عاماً للمؤسسة في إحدى مراحلها، والأستاذ تركي السديري والذي أصبح رئيسًا لتحريرها لفترة غير قصيرة من تاريخها، كذلك الدكتور غازي القصيبي والدكتور عبد الرحمن الشبيلي - رحمهم الله - والدكتور تركي الحمد والدكتور أحمد العيسى وزير التعليم السابق والدكتور يوسف العثيمين وزير الشؤون الاجتماعية السابق والدكتور فهد الحارثي والأستاذة جهير المساعيد والأستاذة حصة آل الشيخ وعدد كبير جدًا ممن لا يتسع المجال لذكرهم، وكان للصحيفة مراسلون مقيمون ومتجولون في بعض العواصم العالمية كواشنطن وباريس والعربية كالقاهرة وعمان، وقد تعاون كاتب هذه السطور شخصيًا مع جريدة الرياض عندما كان طالب دراسات عليا في أميركا حيث قام بتغطية انتخابات الرئاسة الأميركية عام 1980م، وقد نالت الجريدة سبقًا صحفيًا بإعلان فوز الرئيس ريغان حينها في الوقت الذي أعلنت فيه بعض الصحف المحلية والعربية خطأ إعادة انتخاب منافسه الرئيس جيمس كارتر. وبالطبع لا يمكن الحديث عن جريدة الرياض دون الإشارة إلى التغيرات التي حدثت لها وخاضت غمارها مع دخول العالم عصر الإعلام الرقمي، فقد تفاعلت أقدم صحيفة يومية في العاصمة السعودية مع عصر الصحافة الإلكترونية تفاعلاً واسعًا وكبيرًا، واستطاع مديرها العام الأستاذ خالد العريفي أن يجعلها تواكب هذه التغيرات في الصحافة العالمية ولا تتخلف عن الركب، فلها اليوم منصة الرياض ونسخة رقمية بالإضافة لنشرها نسختها الورقية ورقيًا وإلكترونيًا، وهي اليوم تسابق الزمن بكفاءات وطنية شابة مؤهلة ومتخصصة أكاديميًا يقودهم الأستاذ هاني وفا رئيس تحريرها، وفقهم الله جميعًا. * جامعة الملك سعود