ومع ذلك ولدت وقاومت العواصف وشبت عن الطوق وبلغت رشدها مع نهاية عقدها الأول، وهي الآن تحتفل بمرور ستين عاماً من عمره الجديد، كلنا شهود وشاهد مرحلة نضجها ومنافستها لغيرها من رفيقاتها سواء الجزيرة التي سبقتها بالصدور 20 صفحة 1984 هجري 30 يونيه 1964م جريدة أسبوعية، وبعد سنوات تحولت الى يومية، والمنافسة الأخرى مع جريدة عكاظ قبل ثلاثين سنة، ومع ذلك أثبتت الرياض قدرتها على الصمود والتحدي باثبات وجودها بمتابعة الأحداث واستقطاب أفضل الكتاب والوصول الى القارئ بالوقت المناسب وفي أي بقعة من أرض الوطن. نعود الى ولادة الرياض المتعسرة التي كادت أن تعصف بها، يذكر الشيخ حمد الجاسر في سوانح الذكريات الجزء الثاني ص 936-944 بتصرف "تقدمت لسمو ولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز بطلب إصدار صحيفة تحمل اسم "الرياض "في شهر ربيع الثاني 1372ه مطلع 1932م، وقد وافق سموه ووجه خطابا لوزير المالية عبدالله السليمان بموافقة، وطلب منه معاملة صحيفة الرياض بما يرد لها من ورق وخلافه، كما تعاملون الجرائد والمجلات الداخلية، وسيرو لها مطبعة وأعفوها من الرسوم، وقال إن امر إجازة اصدار الصحف منوطاً بوزارة الخارجية وفرعها "قسم المطبوعات" وطلب منه كفالة غرامة مالية، وكفالة إحضار. وبعد إكمال المطلوب جمع بعض مواد العدد الأولى وسافر بها للقاهرة، وصدر العدد الأول باسم "مجلة الرياض" في شهر ذي الحجة 1372ه أغسطس سنة 1953م. عاد الشيخ حمد للرياض يحمل العدد الأول فقدمها للديوان الملكي طالباً السماح بشحن بقية أعدادها جواً ففوجئ باعتراضهم على الاسم، وعدم الموافقة على نقلها وعليه أن يتحمل تكاليف النقل. عرف أن سبب الرفض أن الترخيص بإصدار صحيفة تحمل اسم الرياض قد سبق باسم الأستاذ عبدالله عمر بالخير مدير الإذاعة والصحافة والنشر، وانه قد تنازل عند الترخيص للأستاذ احمد عبيد الذي فيما بعد الذي أصدر فيما بعد مجلة الرياض بجدة، صدر عددها الأول في شهر شعبان 1373ه -1953م وتوقفت بعد صدور عددها 12 في جمادى الآخر. عاد الشيخ حمد الجاسر للقاهرة فنزع غلاف المجلة واستبدل اسمها من الرياض الى اليمامة، ودخلت المملكة متأخرة ووزعت ولقيت إقبالا ممتازا لكونها أول صحيفة تصدر بالمنطقة الوسطى ومن عاصمة المملكة. يقول الجاسر إن مجلة "صوت البحرين" نشرت نقداً لاذعاً في عدد الأربعين سنة 1373ه، قالت ضمن ترحيبها بالمجلة "أن الصحيفة سميت الغلاف الخارجي "اليمامة" فاذا قرأت المقال الافتتاحي وجدت وترى قراء الرياض في كل مدينة وفي مقال آخر تصبح الرياض لا صحيفة أسبوعية فحسب بل يومية "انه يتكلم عن صحيفة الرياض فأين هي؟ أنه يعني صحيفة اليمامة التي أبدل اسمها من الرياض وقد كتبت المقالات، ولم يفطن الى تعديلها ومراجعتها بعد تبديل الاسم. وفي منتصف 1383ه، 1963م صدر نظام المؤسسات الصحفية ومنها "مؤسسة اليمامة الصحفية" والتي صدر عنها جريدة اليمامة الأسبوعية يوم الجمعة في ذي القعدة سنة 1983ه مارس 1964م مدير عام المؤسسة الأستاذ/ عبدالعزيز الرفاعي ورئيس تحرير اليمامة الشيخ حمد الجاسر. وفي غرة محرم 1385ه مايو 1965م، صدرت جريدة الرياض -جريدة يومية تصدر عن مؤسسة اليمامة الصحفية من 6 صفحات الثمن 3 قروش، وقد كتبت في زاوية الصفحة الثانية اسم نائب مدير عام المؤسسة فهد الدغيثر والمشرف على التحرير حمد الجاسر، وقد افتتح العدد الأول بعدد من المقالات: كلمة الصحيفة، أمل وأمل ل ناصر المنقور، وموجز القول ل عمران محمد العمران، وكل صباح ل سعد البواردي، اليمامة، المؤسسة الصحفية لعبدالعزيز الربيعي، وأمل يتحقق ل عبدالله الخيال، ومن الأعماق ل عبدالمحسن التويجري، وزاويتي ل خيرية السقاف، ومن الرياض ل محمد السياري. وأخبار محلية وعربية وعالمية، وإعلان من مؤسسة اليمامة عن حاجتها لمصور لدية خبرة علمية في التصوير وتنظيم أرشيف الصور الصحفية، وإعلان أخر لحاجة المؤسسة الى مراسلين يوافون صحيفتنا الرياض اليمامة بمختلف الأخبار في جميع الجهات في المنطقة الغربية وفي المنطقة الشرقية، كما تحتاج الى مخبرين في صحيفة الرياض، والرواتب تقرر حسب الكفاءة. الآن وقد مرت ستون عاماً على ولادة الرياض، رغم ما تعرضت له من عقبات الا إنها تحدت الجميع وواصلت مسيرتها وحققت النجاح تلو النجاح، ولاشك أننا سنقرأ شهادات من عمل بها أو عاصرها وسنتذكر ما نسيناه أو كدنا نسيانه، ونختار ماقاله رئيس تحريرها الأول الأستاذ/ عمران العمران في كلمته الافتتاحية التي قال فيها "مما يحز في النفس ويقلقها أن تظل -الرياض- وهي قلب الجزيرة النابض – طيلة الأيام والسنوات المنصرمة، خلوا من صحيفة يومية تحكي وثبة هذه الجزيرة وأخبارها وتكون همزة وصل بينها وبين خارجها".