في عالمٍ تتسارع فيه المُتغيرات على مُختلف الأصعدة العالمية والمحليَّة، وترتفع وتيرة التذبذب على خط المبادئ صعودًا وهبوطًا إلى درجةٍ تعصف بالثوابت في كل مكان؛ نرى بعض مواقف المملكة العربية السعودية صورة للتقدير والإكبار، لا سيما عندما تظل تلك المواقف راسخة أمام مُختلف التيارات ورياح القوى غير العادلة تجاه بعض القضايا الإنسانية، والجهر بالثبات على تلك المواقف وإعلان التوجه العام بشأنها لا يمكن إلا أن يأتي من موقع قوَّة وثقة بمكانة المملكة التي تهبها هذا الحق وتجعل لكلمتها المسموعة صدىً عاليًا، ولعل من أبرز تلك المواقف موقفها المعلن في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي حين شددت المملكة على وقوفها إلى جانب الحق، ومُطالبة المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته لوقف الاعتداءات والانتهاكات المتكررة من قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأبرياء، وبذل الجهود كافة لإنهاء هذا الصراع الذي طال أمده. إنه لأمر مبهج وقوي ويزيد في الإعجاب أن تُعلن المملكة عن موقفها هذا صراحة - كعادتها- تجاه كيانٍ اتسعت مساحات تمدد أذرعه الظالمة وتسارع خطواته بصورة توقظ التساؤلات بشأن مخططاته القادمة، لقد أكدت بهذا الإعلان الجريء الشجاع أن موقعها الاستراتيجي سياسيًا واقتصاديًا وجُغرافيًا واعتباريًا يجعل من صمتها على الظلم المهدد لسلام الإنسانية واستقرارها خياراً غير مطروح، وأن استقرار العالم يقع على قائمة اهتمامها لا سيما في عصرٍ غدت فيه الكرة الأرضية أقرب إلى قرية صغيرة، ما يؤثر في إحدى بقاعها قد يمتد أثره إلى بقعة أخرى بصورة مباشرة أو غير مباشرة. مهما تقدمت الحضارة الإنسانية على الأرض يظل للظلم طمع بالمزيد من نهب حقوق الأبرياء وتدمير استقرار حياتهم لئلا يعم الأمن والسلام، وكلمة شجاعة في وجه هذا المُنكر لها معنى لا يستهان به خصوصًا إن صدح بها مصدر له ثقله العالمي كالمملكة.