أوضح عدد من الفاعلين في الحراكين الثقافي والبحثي، أن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جاءت متسقة مع ما تشهده المنطقة من أحداث وأن دعوته القادة والعلماء إلى الوقوف صفا واحدا ضد الإرهاب نابعة من قلب وفكر قائد حريص على الإسلام وحادب على أمن واستقرار أمته. وأضافوا: إن الكلمة الضافية كلمة حق وجرس إنذار في مواجهة الباطل وأهل الضلالات والأفكار المنحرفة. وفي هذا السياق، أوضح الأكاديمي والباحث حسن فهد الهويمل، أن خادم الحرمين الشريفين وضع النقاط فوق الحروف حول الإرهاب، وحين استوعب الوضع المأساوي للأمتين العربية والإسلامية لم يسعه السكوت ومن ثم أطلق صيحته النابعة من ضمير أمته محذرا وناصحا ومشهدا على البلاغ، وكلمته -حفظه الله- تصب في مصلحة الأمة فهو يحذرها ويدعوها إلى تصفية الخلافات وجمع الكلمة والوقوف صفا واحدا في وجه الإرهاب الذي لا ينتمي لزمان ولا لمكان ولا لبيت ولا لقوم ويدعو إلى نبذ الفرقة والتعصب ويحث على التسامح والوسطية. ويحذر من مغبة الظلم الواقع على الشعوب وبخاصة الشعب الفلسطيني للنهوض بمسؤولياتهم الإنسانية والحد من غطرسة القوة الصهيونية. إنها كلمة جامعة جاءت في وقتها من ناصح أمين يود لكافة شعوب العالم الأمن والاستقرار والحرية والعيش الكريم. من جهته، أوضح الباحث عزت خطاب، أن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن الإرهاب تثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن المملكة تحتل الصدارة في مكافحة الإرهاب وتجفف ينابيعه في منطقتنا العربية، وهي خطوة موفقة في تفنيد كل المزاعم المغرضة التي تتهم المملكة باتهامات باطلة لم يثبتها مسار الأحداث في العقد الأخير، بل كانت هذه الخطوة الدليل العملي في إعطاء العالم بأسره الصورة الصحيحة لموقف المملكة ودورها في مكافحة هذه الآفة التي تضرب منطقتنا ولا تستثني بلاد العالم منها، فقد وضعت هذه الكلمة النقاط على الحروف. والكلمة واضحة في مدلولاتها وتتمتع بالشفافية والحكمة. وقال الكاتب نجيب عصام يماني، إن أقل ما توصف به كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي توجه بها إلى الأمتين الإسلامية والعربية والمجتمع الدولي، بأنها جرس إنذار وتنبيه اقتضته حالة الصمت المريب التي تلف العالم حيال أمر بات خطره أوضح، ونتائجه الكارثية أبين من أن نقابل بمثل هذا الصمت المريب، والغفلة التي لا مبرر لها. تنبيه آثر المليك أن يبثه من قلب المؤمن بالحق تعالى بالإشارة إلى خطر الفتنة والتحذير منها وفق ما جاء في كتاب الله العزيز (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)، و(الفتنة اشد من القتل) ثم بالاستناد إلى قدسية المكان من مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية. إن هذين الاستنادين حريان بأن يلفتا انتباه الغافل أو المتغافل، وأن يحلا عقدة الصمت المريب الذي يكتنف العالم حيال هذه الفتنة التي وجدت لها في أرض العرب والمسلمين - دون غيرهم - مسرحا للعبث بالأمن، وإن تشظي حاملي هذه الفتنة وتفرقهم في عدد من البلدان يعمق من ضرورة تكاتف الجهود بين كافة البلدان الي أصابتها الآفة، بل العالم أجمع لدحرها، كون الجميع لن يكونوا في مأمن من مخاطرها، فجهود المملكة داخل أراضيها ظلت واضحة وحاسمة تجاه هذه الآفة، حيث قدمت للعالم أجمع السبل المثلى لمعالجتها سواء على المستوى الأمني أو الاجتماعي أو الفكري أو الثقافي، بمنظومة متكاملة من المعالجات التي أثمرت وأتت أكلها من خلال بسط سلطان الأمن في ربوع الوطن، غير أن الأمر اليوم يخرج من حدود المملكة التي تحترم سيادة كل دولة على أراضيها، لذلك يأتي صوت التنبيه منها لكافة القادة والعلماء محمولا في كلمة خادم الحرمين الشريفين كأنصع ما يكون النداء وأوضحه «أدعوا قادة وعلماء الأمة الإسلامية لأداء واجبهم تجاه الحق جل جلاله، وأن يقفوا في وجه من يحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف، والكراهية، والإرهاب، وأن يقولوا كلمة الحق، وأن لا يخشوا في الحق لومة لائم، فأمتنا تمر اليوم بمرحلة تاريخية حرجة، وسيكون التاريخ شاهدا على من كانوا الأداة التي استغلها الأعداء لتفريق وتمزيق الأمة، وتشويه صورة الإسلام النقية». إنها دعوة حق، أراد لها المليك اليوم أن تذهب بحمولتها التنبيهية والتحذيرية أيضا إلى من يعنيهم الكلام مباشرة، وفيها من الإشارات لهم ما يكفي لإدراك موقف المملكة الراسخ والرافض لكل أنواع الإرهاب ومن يقفون وراءه أو يساندونه، إنها كلمة لكل الذين تخاذلوا أو يتخاذلون عن أداء مسؤولياتهم التاريخية ضد الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة، بأنهم سيكونون أول ضحاياه في الغد وكأنهم بذلك لم يستفيدوا من تجربة الماضي القريب، والتي لم يسلم منها أحد. إنها دعوة حق، أراد لها المليك اليوم أن تعيد إلى ذاكرة العالم موقف المملكة والجهود التي بذلتها، وقد صدح بها خادم الحرمين الشريفين: «أذكر من مكاني هذا بأننا قد دعونا منذ عشر سنوات في مؤتمر الرياض إلى إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب»، وقد حظي المقترح بتأييد العالم أجمع في حينه، وذلك بهدف التنسيق الأمثل بين الدول، لكننا أصبنا بخيبة أمل بعد ذلك بسبب عدم تفاعل المجتمع الدولي بشكل جدي مع هذه الفكرة، الأمر الذي أدى لعدم تفعيل المقترح بالشكل الذي نعلق عليه آمالا كبيرة. إنها دعوة حق، أراد لها المليك أن تكون رسالة واضحة للمجتمع الدولي الذي يمارس الصمت وفي أحسن الحالات التنديدات الخجولة تجاه ما يحدث في فلسطين اليوم، وإلى جانب هذا كله نرى دماء أشقائنا في فلسطين تسفك في مجازر جماعية لم تستثن أحدا، وجرائم حرب ضد الإنسانية دون وازع إنساني أو أخلاقي، حتى أصبح للإرهاب أشكال مختلفة، سواء كان من جماعات أو منظمات أو دول وهي الأخطر بإمكاناتها ونواياها ومكائدها، كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر المجتمع الدولي بكل مؤسساته ومنظماته بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان، هذا المجتمع الذي لزم الصمت مراقبا ما يحدث في المنطقة بأسرها، غير مكترث بما يجري، وكأن ما يحدث أمر لا يعنيه، هذا الصمت الذي ليس له أي تبرير، غير مدركين بأن ذلك سيؤدي إلى خروج جيل لا يؤمن بغير العنف، رافضا السلام، ومؤمنا بصراع الحضارات لا بحوارها. إنها دعوة الحق وجرس التنبيه، الذي يصدر من قلب المؤمن بالحق تعالى من مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية فيصبح العالم سمعه الآن، وليعلم الجميع أن المملكة العربية السعودية كلها قد وضعت نصب عينها ووعت وحفظت كلمات مليكها المفدى التي جهر بها من قبل، حين نادي بها: «لن نسمح لشرذمة من الإرهابيين اتخذوا هذا الدين لباسا يواري مصالحهم الشخصية ليرعبوا المسلمين الآمنين، أو أن يمسوا وطننا أو أحد أبنائه أو المقيمين الآمنين به. كما نعلن أننا ماضون بعون الله تعالى في مواجهة ومحاربة كل أشكال هذه الآفة التي تلبست بنصرة تعاليم الدين الإسلامي، والإسلام منهم براء، وإننا بما أوتينا من عزيمة وبتكاتف هذه الأمة العظيمة سندحر هذه الآفة في جحورها المظلمة، ومستنقعاتها الآسنة».