حالة من التردي والسوء شهدها سوق الإعلانات في السعودية والعالم العربي، في ظل نظام السماوات المفتوحة، وقدرة الجميع على اختراق خصوصياتك من خلال وسائل وبرامج انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة غير مسبوقة، وبعدما بات كل من هب ودب يقدم محتوى إعلانيا بصورة فجة، تثير التوتر والاشمئزاز. جاءت وزارة الإعلام في الموعد، ونجحت عبر الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في وضع حد للفوضى العارمة التي يشهدها سوق الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما استحداث ترخيصاً يمنح الأفراد فرصة تقديم المحتوى الإعلاني عبر منصات التواصل الاجتماعي "موثوق" وفق مجموعة من الضوابط المهمة، الأمر الذي سيساهم في الحصول على محتوى إعلاني هادف وبناء بعيدا عن الابتذال، في ظل الرقابة المفروضة من قبل الهيئة. جاءت كلمات الرئيس التنفيذي لهيئة الإعلام المرئي والمسموع إسراء عسيري عبر قناة "الإخبارية" لتؤكد نجاح هذه الخطوة، بعدما وصل عدد المتقدمين للحصول على ترخيص "موثوق" 500 شخص في يوم واحد، رغم أن الهيئة منحت الجميع فرصة للتقدم حتى بداية شهر أكتوبر المقبل، قبل أن يتم بدء التطبيق الإلزامي للقرار. ويكشف العدد عن ضخامة سوق الإعلان عبر الشوشيل ميديا، وعن رغبة الكثيرين في تقنين أوضاعهم، والعمل من خلال مظلة رسمية، وعبر أسلوب حضاري يسمح بمحاسبة المخطئ، وفرض عقوبات على من يخرج عن عاداتنا وتقاليدنا، ويتجاوز الخطوط المسموح بها في هذا الجانب، حفاظا على تنقية الذوق العام، ومنع الأصوات النشاز من الوصول إلى هذا السوق. تعاملت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بواقعية كبيرة مع هذا الملف، عندما قررت أن يكون قيمة الترخيص 15 ألف ريال لمدة ثلاث سنوات، وهو ما يعني قدرة الكثيرين على الحصول عليه، ويساهم في احتواء كل القنوات الإعلامية للعمل ضمن منظومة إعلانية تنسجم مع ناموس المجتمع السعودي. لم تبالغ الهيئة أيضاً في طلباتها، عندما شددت على وجوب الالتزام بالشروط والضوابط الخاصة بتقديم الأفراد للمحتوى الإعلاني عبر منصات التواصل الاجتماعي، وضوابط محتوى الإعلانات والتصنيفات، بما فيها التصنيف العمري، ووجوب أن تُعرض الإعلانات من خلال حساب مسجل لدى الهيئة ومرتبط بالترخيص الممنوح للمرخص له، إضافة إلى وجوب التنويه قبل الإعلان بالإشارة إلى أنه محتوى إعلاني سواء بالكتابة أو شفهيًّا، وأن تكون الإعلانات لمنتجات مرخصة حسب الأنظمة واللوائح ذات العلاقة، وهي أمور تقود للشفافية والحوكمة وتساهم في تطوير هذا السوق المهم، وترفع من درجة المصداقية في سوق الإعلانات، وتمنع الإساءة للمنتجات والأشخاص والمؤسسات والعلامات التجارية. خطوة مهمة وموفقة من وزارة الإعلام تستحق الإشادة، وتحتاج إلى تكاتف كل الجهود للالتزام بترخيص "موثوق" أن نشد جميعاً على أيديهم، بعد أن تلمسوا بشكل جيد احتياجات السوق السعودي.