فوزية حسين الشنبري، روائية وقاصة سعودية، فازت روايتها «لعبة نزقة» في مبادرة انثيال، في نسختها الأولى في يناير 2019، والتي شارك فيها نحو 900 مشارك ومشاركة، تم تصفيتهم إلى 150 مشاركاً ومشاركة، وبدأت مرحلة الكتابة ب30 كاتباً وكاتبة، 12 منهم أنجزوا أعمالهم الإبداعية، فيما نشرت المبادرة في النهاية 5 روايات، كان أبرزها «لعبة نزقة» للكاتبة فوزية الشنبري. نشرت مقالاتها في عدد من الصحف السعودية، وقد التقينا بها خلال هذه السطور للحديث عن تجربتها الكتابية: * الكتابة الإبداعية هل ترتبط لديك بطقوس معينة، أم يمكن لها الحضور وقتما تشائين؟ * حقيقة، لا أؤمن بفكرة الطقوس الكتابية، أشعر أن التهيئة مجرد عادة لممارسة الكتابة اليومية، ليست لي طقوس استثنائية تجعل من الموسيقى الكلاسيكية ضرورة كتابية ولا زاوية في مقهى ملهمة، يلزمني الإنصات المكثف، وبراد شاي أصفر على دكة باب البيت أحياناً وفكرة تتأرجح بين الواقع والخيال فقط. o كيف تعاطت الكاتبة فوزية مع الطرح الجريء مقابل مقص الرقيب، وما المحاذير التي عملت على تفاديها؟ * العمل الجيد لا يحتاج إلى القفز على أسوار (الثالوث المحرم) أو اختبار نباهة مقص الرقيب بهدف الشهرة الوهمية، لم اصطدم مع الرقيب الخارجي أساساً؛ لأن الرقيب الداخلي موجود دائماً وأكثر شراسة وقسوة في حالة المرأة الكاتبة بسبب المحاذير الاجتماعية والمبادئ الدينية المقدسة، وهذا الوعي بحد ذاته يثير روح الخلق والتمايز. o كيف ترين تجربة الكتابة النسوية في المملكة؟ وهل استطاعت أن تصل خارج الحدود؟ وهل أنت مع هذا التقسيم، أدب نسائي وأدب رجالي؟ * مصطلح الكتابة النسوية تصنيف لجنس الأديب وجندره، أم هو الأدب الذي يتناول القضايا الخاصة المتعلقة بالمرأة؟ في كل الأحوال والمسميات، الأدب فن عام وإنتاج فكري وترجمة عاطفية واجتماعية تعكس هوية أمة وحضارة كاملة، المرأة جزء من المجتمع فلماذا نفرد المرأة بإنتاج خاص وهي عنصر أساسي في الحياة اليومية طالما نأخذ بعين الاعتبار أن النتاج الأدبي لا ينفصل عن الحياة اليومية! فالإبداع لا جنس له، بمعنى ليس مرتبطاً بجنس الكاتب، قد يكون مرتبطاً بمضمون الكتابة، وأعتقد أن التراكم الإبداعي يمكن أن يحسم هذه المسألة. أما إذا كان التصنيف بمعنى الأدب الذي يعالج قضايا المرأة ووضعها الاجتماعي فهذا يمكن أن نتحدث عن كأدب (نسوي) وليس (نسائي). وبالطبع فالمرأة السعودية تجاوزت الحدود المحلية، وأتمنى أن تتجاوز الموضوعات الضيقة المتناولة نحو رحابة فكرية في ثراء الحياة وتشكيلاتها. * متى يمكن للسارد أن يقوده سرده لمشروع روائي، أم أن المسألة ترتبط بالتخطيط للمشروع الروائي قبل البدء؟ وبماذا تتميز فوزية كروائية عن غيرها؟ * السرد قريب من الواقع والحياة والعلاقات اليومية، حتى الهامشية منها وغير المرئية أيضاً، مستوى الإحساس بالجمال وحساسية الاستيعاب لمكامن القبح والجمال أحد أهم مكونات وبواعث الوعي الحقيقي لكل مبدع مدعوماً بوعي وافٍ بمفاهيم الفن والتقنية الكتابية. إن المشروع الروائي لحظة قرار وغالباً فرصة خطرة يدركها المبدع بعد نضوج قرائي غزير، وحينما يكتمل وعيه الفني الخاص به بالضرورة، لكنني لا أمتلك القدرة على الحكم على أعمالي ولا أي كاتب يستطيع، القارئ وحده من يحدد مزيّة كاتب العمل وبراعته من فشله بغض النظر عن نوعية هذا القارئ. * "لعبة نزقة" هل حققت رضاك من حيث الحضور في الساحة الثقافية؟ * المشهد الثقافي متنوع وزاخر بالفنون المختلفة، لم أكتب من أجل تحقيق مكانة وحضور في المشهد الثقافي وهذا شأن المبدع أن يكتب ولا يتوخى بالكتابة من أجل الحضور في المشهد الثقافي بل يتوخى تجربته، أكتب لأن شغف الكتابة هو الذي يستحوذ عليّ وأقصد الكتابة لنفسي وللقارئ في المرتبة الأولى. إن القارئ وحده الذي ينقلك إلى المشهد الثقافي، وفي نهاية الأمر يوجه هذا السؤال للقارئ وكيف يقيّم تجربة العمل. * ما يكتب ويدون عبر السوشيال ميديا، والمدونات الخاصة، هل يمكن لنا أن نسميه أدباً وإبداعاً برأيك؟ وماذا عن المحتوى الإلكتروني عموماً؟ * في عصر التقنية لا نقيم أسواراً شاهقة بين الإبداع الورقي والإلكتروني، ولكن سهولة الكتابة والنشر لكل من عنّت له فكرة طائشة تحت مسمى (الأدب) أو ( ق.ق.ج) أخرج لنا كماً هائلاً من الأعمال -إذا جاز لنا أن نسميها أعمالاً- المتسمة بالهزال الفني والضعف اللغوي والنحوي والإملائي أكثر، هذه (الخفة) التي (لا تحتمل) مرتبطة بمفهوم الوفرة فقط متناسية النوعية والجودة. في المقابل لا نستطيع الحكم الكامل بالرداءة على ما يكتب في السوشيال ميديا. إن المحتوى الإلكتروني قام بحل مشكلة النشر على نطاق واسع بل وأوسع مما تخيله الكاتب والناشر على مدار الزمن، ومجانية وسهولة منصات النشر الإلكترونية قدمت فرصاً ذهبية للمبتدئ والمحترف، وأصبح كل من يجرب حظه مروراً بمن لم ينوِ أن يندرج في زمرة الكتاب والمثقفين وانتهاء بالكتاب المحترفين الذين زادت شعبيتهم. ولكني مع ترك الساحة (الإلكترونية) تفيض بالمحاولات الكتابية التي تفضي مستقبلاً إلى تغير نوعي وفني ولكن بعيداً عن مسمى (الأدب). * ماذا عن مشروعات فوزية المقبلة؟ وهل أنت مع النشر الرقمي للكتب على وجه التحديد؟ * سيتم الإعلان قريباً عن مجموعة قصصية بعنوان: (مكتوب على جِباه الرعاة) صادرة عن دار أثر. كما أنه لدي مشروعات كتابية متنوعة حبيسة المسودات إلى أن يشاء الله اكتمالها، فإن تعدد منابر القراءة والنشر ترف يخدم الذائقة والوقت.