كانت المملكة ومازالت من الوُجهات ذات المكانة المُعتَبرة على خريطة العالم، فاسمُها عالٍ وصوتها مسموع ولا يمكن إغفال مركزها على مُختلف الأصعِدة المرموق عربيًا وعالميًا، ولعل من أهم دعائم المُحافظة على تلك المكانة سعيها لتعزيز حقوق الإنسان بين حدودها مواطِنًا ومُقيمًا وزائرًا، لتكون مُكافحة الاتجار بالأشخاص من أهم أولوياتها التي حققت نجاحاتٍ نوعيَّة على الصعيد الدولي خلال العامين الماضيين مؤكدة حرصها على حفظ كرامة الإنسان وحمايتها من الامتهان. يُعرِّف «نظام مُكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص» التابع لأنظمة «السلطة القضائية وحقوق الإنسان في المملكة» تلك الجريمة على أنها: «استخدام شخص، أو إلحاقه، أو نقله، أو إيواؤه، أو استقباله من أجل إساءة الاستغلال»، ومن المُثير للاهتمام تشديد هذا النظام عقوباته في هذه الحالات: إذا ارتكبت الجريمة جماعة إجرامية منظمة، أو ارتكبت ضد امرأة أو أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإذا ارتكبت ضد طفل حتى ولو لم يكن الجاني عالماً بكون المجني عليه طفلاً، أو إذا استعمل مرتكبها سلاحاً، أو هدد باستعماله، وإذا كان مرتكبها زوجاً للمجني عليه أو أحد أصوله أو فروعه أو وليه، أو كانت له سلطة عليه، أو إذا كان مرتكبها موظفاً من موظفي إنفاذ الأنظمة، أو إذا كان مرتكبها أكثر من شخص، أو إذا كانت الجريمة عبر الحدود الوطنية، أو إذا ترتب عليها إلحاق أذى بليغ بالمجني عليه، أو إصابته بعاهة دائمة، إذ إن النظام هُنا لم يتساهل في حماية الطفل والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، ولم يترك بابًا مواربًا لإفلات أحد أصول أو فروع أو أولياء من العقوبة، ما يجعل للنظام اليد العُليا التي يشعُر الإنسان بالأمان في ظل سُلطتها التي تتجاوز سلطة القرابة الأسريَّة حين لا تكون أمينة على أفرادها، وبينما يُعاقب النظام الشروع في تلك الجرائم بعقوبة الجريمة التامة، ويُعاقب من علم بارتكاب الجريمة ولم يُبلغ عنها فورًا للجهات المُختصة؛ إلا أنه يُعفي كل من بادر من الجُناة بإبلاغ الجهات المختصة بما يعلمه عنها قبل البدء في تنفيذها، وكان من شأن ذلك اكتشاف الجريمة، قبل وقوعها أو ضبط مرتكبها أو الحيلولة دون إتمامها، وهو ما يؤكد أن الأولوية لحماية المجتمع من وقوع الجريمة وليست للعقاب. انطلقت خُطة العمل الوطنية لمُكافحة الاتجار بالأشخاص في المملكة آخذة بعين الاعتبار أهمية رفع وعي المُجتمع تجاه مخاطِر تلك الجريمة التي تم تصنيفها أخطر ثالث جريمة على مستوى العالم بعد تجارة المُخدرات والسلاح، فاستغلال الإنسان عن طريق التهديد أو الإجبار أو الخِداع يُهدد استقرار المُجتمعات الإنسانية وأمنها ويعرقل تقدمها، ولا يمكن الوقوف في وجهها إلا بتعاضد نظام حازم يردعها ووعيٌ مُجتمعي يُشكل بيئة غير مُلائمة لنمو مثل تلك الجرائم وانتشارها.