محمية «كاوست» الطبيعية تمتد لأكثر من 110 هكتارات من الغابات ثول - "الرياض" تعد أشجار المنغروف من النباتات التي عاشت على هذه الأرض وصمدت في أقسى الظروف البيئية لملايين السنين. ويرجع ذلك لقدرتها على العيش في المياه التي تتجاوز لملوحة فيها 100 مرة من تلك التي يمكن أن تتحملها النباتات الأخرى. كما تستطيع بذورها أن تطفو على سطح الماء لأشهر قبل أن تتجذر، وتستطيع بذرة واحدة منها أن تكون مستعمرة بأكملها وتنشئ نظاما بيئيا متكاملا يوفر الغذاء والمأوى للعديد من الحيوانات، بما في ذلك الطيور وسرطان البحر والسحالي والروبيان والرخويات والقواقع والأسماك. أحواض الكربون الأزرق تزايد الاهتمام خلال العقود الماضية بأشجار المنغروف نظراً لدورها الكبير والمهم في مكافحة تغير المناخ، يقول د. محمد عمر، مدير حماية البيئة في قسم الصحة والسلامة والبيئة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست): "كاوست هي موطن لغابة من أشجار المنغروف تمتد لأكثر من 110 هكتارات وتضم محمية طبيعية خصصتها الجامعة، وعند مقارنتها بالغابات الأخرى في اليابسة، توفر جذور أشجار المنغروف المتشعبة فرصة كبيرة لعزل وتخزين الكربون في باطن الأرض". ويضيف البروفيسور كارلوس دوارتي، الأستاذ المميز في كاوست أن غابات المانغروف تُصنف ضمن أكثر أحواض الكربون كثافة في المحيط الحيوي، حيث تحبس قدرًا أكبر من الكربون في تربتها مقارنة بالغابات الاستوائية، إلا أنه عند تعرضها لأي اضطراب، يمكن أن ينبعث هذا الكربون الموجود في التربة على هيئة ثاني أكسيد الكربون، الأمر الذي يحتم علينا حمايتها واستعادة الغابات المفقودة منها". جدير بالذكر، أنه يشار إلى أشجار المنغروف بأحواض الكربون الأزرق بسبب ارتباطها بالمناطق الساحلية، فكلمة "أزرق" مستوحاة من المياه، على عكس الكربون "الأخضر" المرتبط بالأشجار البرية على اليابسة. جهود دعم أشجار المنغروف في كاوست الحفاظ على غابات المنغروف وتعزيزها هو جزء رئيس من توجهات كاوست ورسالتها منذ افتتاحها، ويتجلى هذا في إحدى فعاليات برنامج الإثراء الشتوي (ويب 2022) حين تم تنظيم فاعلية لغرس أشجار المنغروف في محمية كاوست الطبيعة بهدف زيادة الوعي بالأثر البيئي السلبي لانبعاثات الكربون المرتبطة بأنظمة النقل والسفر. يقول البروفيسور بينغ هونغ، الأستاذ في كاوست ورئيس برنامج الأثراء الشتوي (ويب 2022): "يهدف برنامج (ويب) في كل عام لتقديم أنشطة وفعاليات لإثراء طلبتنا، وتشمل هذه الأنشطة استضافة متحدثين مشهورين عالميًا لزيارة حرم الجامعة من حول العالم، الأمر الذي يتسبب في زيادة بصمة الجامعة من ثاني أكسيد الكربون، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار المسافة التي يقطعها جميع ضيوف ومتحدثي برنامج ويب والتي قدرها قسم الصحة والسلامة والبيئة في الجامعة لهذا العام بنحو 200,000 كيلومتر". وبعد حساب انبعاثات الكربون من السفر لهذه المسافات الطويلة، قرر فريق (ويب) بالتعاون مع قسمي الصحة والسلامة والبيئة وإدارة المرافق (والبستنة) في الجامعة، بتنظيم فاعلية لزراعة أكثر من 200 شجرة منغروف ليس فقط لتعويض هذه الانبعاثات، ولكن أيضًا لزيادة الوعي بقدرة هذه النباتات الرائعة على عزل الكربون وتخزينه. ومن ناحية أخرى، كشفت جهود الحفاظ على غابات المنغروف في كاوست عن مدى السرعة والفعالية التي يمكن أن تتوسع بها مستعمرات المنغروف عند حفظها بشكل صحيح، يقول د. عمر: "نمت غابات المنغروف لدينا بنحو 45 في المئة بين عامي 2005 و2020، وهذا النمو الملحوظ هو مزيج من الاستعمار الطبيعي، وجهود إعادة الزراعة، وتدخل السياسات البيئية المؤثرة". مستقبل المنغروف تمثل زراعة أشجار المنغروف ومشروعات ترميمها طريقة فعالة من حيث التكلفة لزيادة قدرتنا على عزل الكربون، خاصة إذا تم التخطيط لها وتنفيذها بشكل صحيح، كما هو الحال في كاوست، يقول هونغ: "إن زراعة أشجار المنغروف في هذه الحالة أكثر فائدة من زراعة الأشجار البرية، والتي تتطلب الري بالمياه العذبة. فالمنغروف لا تحتاج للري لأنها تُزرع مباشرة في المناطق الساحلية للبحر". واليوم تتبنى العديد من المجتمعات والدول حول العالم جهود إحياء أشجار المنغروف كإجراء طبيعي فعال ومستدام لتخفيف بصماتها الكربونية، يقول دوارتي: "تعد أشجار المنغروف إحدى الطرق لتحقيق أهدافنا المتعلقة بتخفيف الكربون، ليس فقط لأنها تعزل الكربون، ولكن لأنها توفر فوائد ضخمة لحماية المناطق الساحلية، وتعزيز مصائد الأسماك، وعلى مدى العقد الماضي، ازداد مستوى الوعي بالكربون الأزرق، وتحديداً دور غابات المنغروف، ويجب أن يستمر هذا الوعي على مستوى صانعي السياسات والجمهور العام لتعزيز المشاركة في استيعاب مشروعات حماية غابات المنغروف وتطويرها". تتميز السواحل الشرقية والغربية للمملكة بأشجار المنغروف وهي جزء مهم من النظم البيئية الكربونية الزرقاء مجموعة من الطلاب يشاركون في غرس أشجار المنغروف تعد بيئة المنغروف في كاوست من النظم المهمة للحياة البحرية حيث توزع الأكسجين وتنقله تحت الماء الجذور الهوائية لأشجار المنغروف تحت الماء برنامج الإثراء الشتوي سعى لتعزيز الحفاظ على بيئة أشجار المنغروف