تحظى زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المملكة بأهمية كبرى، كونها تحمل دلالات ترتبط بالتوقيت والهدف، وبالمتغيرات السياسية الجديدة في أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية، والتي كشفت عن ضرورة إعادة التوازن في العلاقات الأميركية - الخليجية - العربية كصياغة وتحالف، انطلاقاً من أن مصالح الأطراف قد تتضرر أكثر في حال استمرار هذا التوتر. وتعي الولاياتالمتحدة أن المملكة قائدة العالم العربي والإسلامي، والتعاون معها سيكون حتماً في صالح المنطقة، وتعزيز السلم العالمي، لا سيما أن المملكة دولة محورية اتخذت من الوسطية والاعتدال العربي نهجاً لها، كما تعي ضرورة إعادة العلاقات إلى وضعها الطبيعي، وفق تبادل المصالح، وعدم الإضرار بالغير. لا شك أن زيارة الرئيس جو بايدن للمملكة تمثل نقطة إيجابية لصالح العلاقات السعودية - الأميركية المتجذرة، وصالح العلاقات العربية - الأميركية، كونها تأتي في توقيت حساس يمر به العالم من تطورات سياسة متسارعة، خصوصاً أن الزيارة تتضمن لقاء الرئيس بايدن الموسع بقادة خليجيين وعرب من أجل توحيد الجهود لما فيه صالح الشعوب واستقرار المنطقة، حيث يعمل العرب لتحقيق تعاون أفضل، وتعلم الولاياتالمتحدة أهمية الحليف العربي، وتعلم مدى أهمية التحالف الاستراتيجي معه، وأن العلاقات مهما تأثرت، فهي تعود وتكون في المقدمة لمصلحة الجميع. ومن المؤكد في هذه الزيارة أن لواشنطن مطالب، وكذلك للعواصم العربية مطالب واضحة ومحقّة، منها أن تكون النتيجة النهائية للاتفاق النووي الجديد بين الغرب وإيران تراعي المطالب العربية، فأي اتفاق يجب أن ينص ليس على تجميد البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل البرنامج الصاروخي، ووقف التمدد الإيراني المزعزع لأمن ومصالح دول المنطقة والعالم، والوقوف ضد دعمها للإرهاب بالسلاح والمال أيضاً. فالرياض تعدّ الثقة هي مفتاح العلاقات بينها وبين واشنطن، وهي الجسر الذي يعبر من خلاله أصحاب الأفعال التي تسبق الأقوال، وتطالب واشنطن بأخذ مخاوف دول المنطقة بعين الاعتبار في الاتفاق النووي الإيراني، والجدية في مواجهة الإرهاب الإيراني.