تعد العلاقات السعودية – الأميركية علاقات راسخة، إذ امتدت لأكثر من 8 عقود، وبنيت على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتنسيق والتشاور المستمر في الأزمات الإقليمية والدولية، وبتعدد المجالات المختلفة بينهم يزداد بذلك حجم وضخامة العلاقة الثنائية وتوثيقها بما يخدم مصالحهما المشتركة وتعزيز الأمن والسلام بين البلدين. والآن بعد مرور خمسة وسبعين عاماً على بداية العلاقة حصلت العديد من المتغيرات في البلدين والعالم تجعل من اللازم إعادة تشكيلها لكي تتناغم مع تطور المصالح المشتركة والحاجيات الآنية والمستقبلية للطرفين. العلاقات الثنائية العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة الأميركية بُنيت على الاحترام والتعاون المتبادل والمصالح المشتركة، وتحظى بمكانة خاصة لدى الجانبين، نظرًا لتاريخها الذي يعود إلى عام 1931م، عندما بدأت رحلة استكشاف وإنتاج النفط في المملكة بشكل تجاري، ومنح حينها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- حق التنقيب عن النفط لشركة أميركية، تبعها توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين عام 1933م، ومن خلاله دعم هذا الجانب الاقتصادي المهم الذي أضحى قوة اقتصادية عالمية في هذا العصر. وبعد مرور اثني عشر عامًا من تاريخ تلك الاتفاقية، عزّز الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- العلاقات الثنائية مع أميركا بلقاء تاريخي جمعه بالرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على متن الطراد الأميركي (يو إس إس كوينسي)، وذلك في 14 فبراير 1945م. وعُدّ ذلك اللقاء، نقطة التحول في انتقال علاقات المملكة وأميركا إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي في مختلف المجالات، لتعمل المملكة بعدها على تسخير هذه العلاقة وغيرها من العلاقات الدولية في تلبية مصالحها الوطنية مع دول العالم بما فيها أميركا، وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية. وحظيت المملكة باهتمام عالمي عام واهتمام أميركي خاص، نتيجة مكانتها الإسلامية، والسياسية والاقتصادية، وعدّت أحد مرتكزات الأمن الاستراتيجي في المنطقة العربية، كما أن ثروتها النفطية زادت من دورها الدولي في إحداث توازن بالاقتصاد العالمي على مر السنين، نتيجة تحوّل النفط إلى سلعة عالمية أثرت على اقتصاديات العديد من الدول المستهلكة له، فضلاً عن أن إطلالتها على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي جعلها متميزة في موقعها الجغرافي بالمنطقة. تحالف تاريخي بدأت العلاقة بين المملكة والولاياتالمتحدة بداية جادة مبنية على معادلة بسيطة من المصالح الاقتصادية المتمثلة بالنفط والعوامل الجيوسياسية، وكان ترتيب العلاقة من قبل الطرفين يشكل استجابة لاحتياجاتهما مع الفارق الكبير بين الدولتين. تأسست العلاقات الدبلوماسية في العام 1933، فتحت السفارة الأميركية في جدة في العام 1944 وانتقلت إلى الرياض في العام 1984، بالإضافة للسفارة في الرياض توجد قنصليتان في كل من في جدة والظهران. إذ يجمع بين الرياض وواشنطن حرصهما على كل من الأمن الإقليمي، وصادرات النفط ووارداته، والتنمية المستدامة والتي تتم من خلال العديد من المشاورات الوثيقة بين المملكة والولاياتالمتحدة المتعلقة بالمصالح الدولية، والاقتصادية، وقضايا التنمية، مثل شؤون الشرق الأوسط وعملية السلام، والولاياتالمتحدة أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، كما تعد المملكة هي أكبر سوق للصادرات الأميركية في الشرق الأوسط. كما أن للبلدين تاريخ من تبادل المعلومات الأمنية التي استفاد منها كلاهما، وتظل حيوية العلاقات الأميركية - السعودية آمنة وراسخة على أساس المصالح المتعددة الأوجه في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والإنسانية. العلاقات الاقتصادية مُنح 1931 حق تنقيب عن النفط لشركة أميركية، وتأسست اللجنة الاقتصادية المشتركة في العام 1974. وبلغ حجم التبادل التجاري بين أميركا والسعودية في عام 2016 (139) مليار ريال سعودي (أو ما يعادل 37 مليار دولار). وتأسس مجلس الأعمال السعودي - الأميركي في العام 1993. العلاقات العسكرية ما يميّز العلاقات العسكرية السعودية - الأميركية هو أن ميلادها وتطورها عبر السنين جاء مستقلاً عن أي تطور في خارطة موازين القوى الدولية، أو عن احتياطات المملكة من النفط، وإنما ولدت وتطورت من رحم توافق دبلوماسي سرعان ما انبثق عنه تعاون عسكري. تأسس مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب بجهود سعودية في العام 2011، ودعمت أميركا عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم الشرعية في اليمن، "عاصفة الحزم"، لوجستياً واستخباراتياً في العام 2015. أبرز الاتفاقيات اتفاقية التعاون الفني بين حكومة المملكة العربية السعودية الولاياتالمتحدة الأميركية، والتي بمقتضاها يسعى الطرفان لتوسيع التعاون في مجال الاقتصاد والتكنولوجيا والصناعة بينهما. اتفاقية الاستثمارات الخاصة المضمونة بين الجانبين من أجل زيادة مشاركة الشركات الخاصة الأميركية في المشروعات الهادفة إلى إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى المملكة العربية السعودية. اللجنة المشتركة السعودية الأميركية، ويرأسها من الجانب السعودي وزارة المالية. الاتفاق على إنشاء حوار استراتيجي بين البلدين لتثبيت العلاقات، في العام 2005م، على قواعد مؤسساتية، وفتح مجال أوسع للمسؤولين المعنيين في البلدين للتواصل المباشر مع بعضهم. ويرأس الحوار الاستراتيجي وزيري الخارجية البلدين، ويشتمل على ستة فرق عمل في: الشؤون العسكرية، الشؤون القنصلية، الشؤون الاقتصادية، شؤون الطاقة، مكافحة الإرهاب، التعليم والتبادل الثقافي، والذي تم من خلاله تمديد فترة صلاحية التأشيرات لمواطني البلدين من خلال توقيع مذكرة تفاهم عام 2008م، بموجبها يمنح كل بلد مواطني البلد الآخر تأشيرات متعددة السفرات تصل لمدة خمس سنوات وذلك للطلاب والسياح ورجال الأعمال، والسعي لتشجيع الاستثمار، وتسهيل تبادل الزيارات بين المسؤولين ورجال الأعمال. منعطف جديد قال أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود د. علي العنزي: هناك العديد من الاتفاقيات بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة الأميركية سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو غيرها، فالعلاقات بين البلدين هي تاريخية وعميقة من الممكن أن تكون زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتصحيح السياسة الأميركية تجاه السعودية والمنطقة بعد أن تخلت هذه الإدارة عن التزاماتها الأمنية تجاه المنطقة. كما أن السعودية لا تتبع سياسة المحاور، فهي تحتفظ بعلاقات جيدة مع جميع الدول الفاعلة في المشهد الدولي وهي دولة محورية في المنطقة وعلى مستوى العالم، وهذا ما يجب على إدارة بايدن إدراكه.