كغيره من مواسم الحج يشهد موسم حج هذا العام 1443 هجري كثافة في الإقبال على الأعمال التطوعية لخدمة ضيوف الرحمن القادمين من كل فج عميق، إذ يحرص السعوديون رجالا ونساء كبارا وصغارا على تلك العادة المتوارثة جيلا بعد جيل، ويحظى الحاج منذ قدومه حتى مغادرته بعد تأديته لمناسك الحج بمختلف الخدمات التطوعية التي تتجاوز أعمال إرشاد التائهين وتقديم الخدمات الصحية لتشمل تقديم الهدايا وتوزيع المياه وتقديم الوجبات وتقديم خدمات الترجمة لغير الناطقين باللغة العربية وكثير غير ذلك مما يفيد الحاج ويعينه على إكمال حجه دون عناء أو كلفة، وبالإضافة إلى تسخير الحكومة السعودية كافة الجهود والإمكانات لخدمة الحجيج فإنها أيضا بدعم من رؤية المملكة 2030، دعمت وشجعت الشبان والشابات من جميع مناطق المملكة على ذلك المنهج وحفزتهم على استغلال مهاراتهم ومواهبهم لخدمة الحجاج ضمن إطار مؤسسي منظم يتيح وصول الخدمات لمتلقيها من الحجاج بمواصفات ومعايير راقية وذات جودة عالية. الإنسان السعودي وقال المستشار الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن محمود بيبة، إن العمل التطوعي جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان السعودي الذي عرف دوما بالكرم وحسن الضيافة، ويظهر ذلك بوضوح في طريقة تعامله مع عموم القادمين للمملكة وخصوصا أولئك منهم القاصدين لأداء فريضتي الحج والعمرة وزيارة المشاعر المقدسة، إذ يتنافس الجميع على احتضان وإكرام الحاج والزائر والمعتمر تعلو وجوههم الابتسامة مظهرين احتفاءهم وبهجتهم بتقديم كل العون اللازم لضيف الرحمن، وجاء إطلاق رؤية المملكة 2030 التي من بين مستهدفاتها تشجيع العمل التطوعي والوصول إلى مليون متطوع ومتطوعة وخمسين مليون ساعة تطوعية في 2030م، موافقا ومعززا لأعمال التطوع الموسمية التي ينشط فيها الشبان والشابات لخدمة الحجاج وعبر المنصة الوطنية للعمل التطوعي، التي هي إحدى مبادرات برنامج التحول الوطني بات تقديم الخدمة التطوعية أكثر أمنا وتنظيما إذ أتاحت المنصة للمتطوعين فرص التطوع في المكان والزمان والمجال الذي يناسب خبرات المتطوعين ومهاراتهم بحيث تصل الخدمات لمتلقيها بمواصفات ومعايير راقية وذات جودة عالية. واجب ديني وبدوره قال الاختصاصي الأول بقسم الخدمة الاجتماعية بمستشفى الملك فهد حسين سلكان بصفر، كان ولا يزال العمل على خدمة الحاج والمعتمر والزائر للمشاعر المقدسة ديدنا وواجبا يعتز به كل سعودي وسعودية ولا ينسى الجميع خطاب الملك عبدالعزيز - رحمه الله - منذ دخول الأماكن المقدسة تحت ولايته وحثه على المبادرة إلى رعاية الحجاج، وحرصه على تبليغ ذلك للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إذ قال - طيب الله ثراه - في النداء الذي وجهه إلى المسلمين من مكةالمكرمة، في شهر شعبان عام 1343ه، الموافق للخامس والعشرين من شهر فبراير عام 1925م: "لما كان من أجلِّ مقاصدنا خدمة الإسلام والعالم الإسلامي، وهو المبدأ الذي اتخذناه عند الشروع في هذه القضية العظيمة الشأن، رأيت الواجب يدعوني لأبين للمسلمين عامة ما يأتي: أننا نرحب ونبتهج بقدوم وفود حجاج بيت الله الحرام من المسلمين كافة في موسم هذه السنة، ونتكفل - بحول الله - بتأمين راحتهم، والمحافظة على حقوقهم، وتسهيل أمر سفرهم إلى مكةالمكرمة من أحد المواني التي ينزلون إليها، وهي: رابغ، أو الليث، أو القنفذة، وقد أحكم فيها النظام، واستتب الأمن استتباباً تاماً، وسنتخذ من التدابير في هذه المراكز جميع الوسائل التي تكفل تأمين راحة الحجاج إن شاء الله تعالى". محطات تطوع "الرياض" رصدت جزء يسيرا من أعمال التطوع التي تتم في منافذ قدوم الحاج وخلال مساره في عدد من محطات رحلته المباركة بموسم حج هذا العام 1443 هجري، والتي منها مشاركة المتطوعين والمتطوعات التابعين للجهات الحكومية والأهلية في منطقة نجران في تقديم خدماتهم التطوعية في عدة مجالات لضيوف الرحمن القادمين براً من اليمن عبر منفذ الوديعة الحدودي، وتمثّلت مشاركة المتطوعين والمتطوعات في تنظيم الحجاج فور وصولهم من الحافلات إلى استراحة الحجاج بالوديعة، وتوزيع الوجبات والعصائر والضيافة ومساعدة كبار السن وإرشادهم، إضافة إلى تقديم الإرشادات الصحية والإسعافية وتوزيع الكتيبات التوعوية، منها أيضا تقديم متطوعي فرع الهلال الأحمر السعودي بمنطقة الحدود الشمالية 2016 ساعة تطوعية لخدمة حجاج بيت الله الحرام القادمين من جمهورية العراق عبر منفذ جديدة عرعر خلال الأيام الماضية. مشاركة فاعلة كما يشهد موسم الحج مشاركة فاعلة للمتطوعين الصحيين في جميع المواقع في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة، وذلك للعام الثالث، وبإشراف مركز التطوع الصحي في وزارة الصحة، حيث يُعد المركز منذ تأسيسه في عام 2019 الجهة المعنية بتنظيم عملية العمل التطوعي والإشراف عليها، وشارك المركز من خلال برنامج "سواعد الصحة" ب 1500 متطوع لتقديم خدمات تطوعية لضيوف الرحمن خلال موسم الحج هذا العام 1443ه، حيث تم إطلاق حملة بهذا الخصوص تحت شعار "لبيك تطوعاً وعبادة". وبدوره يستعين الدفاع المدني بما يقارب 700 متطوع ليشاركوا في أعمال الدفاع في موسم الحج، وذلك في مجالات الإخلاء والإنقاذ، والكشف الوقائي، والخدمات الإسعافية، والتوجيه، والإرشاد، والتوعية من المخاطر المحتملة. كما تشارك هيئة الهلال الأحمر السعودي في أعمال الحج بأكثر من 500 متطوع يعملون تحت مظلة الفريق التطوعي التابع لها في مختلف التخصصات الطبية والصحية، وتمثلت مشاركتهم في دعم الخدمات الإسعافية بمراكز الحرم والمشاعر المقدسة، والعمل على توعية وتثقيف الحجاج والمشاركين في الحج باتباع الطرق الوقائية من الأمراض وغيرها. فرص متعددة وبدورها الإدارة العامة للعمل التطوعي التابعة لوكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي باشرت مبكرا استعداداتها خلال موسم حج 1443ه بإطلاق عدة فرص تطوعية للجنسين في مجالات متعددة، حيث يتم استقطاب أكثر من 1000 متطوع يوميًا موزعين على فترات متعددة، ويتم توزيعهم حسب الاحتياج الميداني بمختلف المجالات كمساندة كبار السن وذوي الإعاقة، وخدمة الإرشاد المكاني بعدة لغات، والمساندة بالتنظيم وكذلك بمجالات متخصصة كالإسعاف الأولية وقياس الأثر والتصميم والعلاقات العامة. كما عملت وكالة الشؤون النسائية على تنظيم وإدارة العمل التطوعي داخل المسجد الحرام وتوفير الفرص التطوعية النوعية في عدة مجالات للمشاركة في خدمة ضيوف الرحمن، حيثُ بلغ إجمالي الفرق التطوعية المشاركة في حج هذا العام 7 فرق يزيد عدد المتطوعات فيها عن 1000 متطوعة يقدمن العديد من الخدمات تم التركيز فيها على مجالات الترجمة واللغات لخدمة أكبر فئة من ضيوف بيت الله الحرام، بالإضافة إلى خدمات مساعدة كبار السن ذوي الإعاقة وخدمات التطوع الصحي والتوجيه والإرشاد المكاني والمشاركة في تنظيم الحشود وسقيا زمزم. فرق كشفية وأيضا تشارك كشافة وزارة التعليم، ممثلة في مركز بادر الكشفي لخدمة ضيوف الرحمن باثنتي عشرة فرقة كشفية (فتيان وفتيات) تعمل في خمسة مسارات مختلفة، ويمثل التعاون بين وزارة التعليم مع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي المسار الأول، حيث تقوم فرق الكشافة بتوجيه المصلين إلى الأماكن المخصصة للصلاة في الدور الثاني والسطح والمساهمة في سهولة الحركة في مطاف الدور الأول والثاني. أما المسار الثاني فهو العمل مع قوة أمن الحرم المكي الشريف في إدارة الحشود والمساهمة في تفويج الحجاج للمطاف والخروج منه، فيما يمثل توزيع المياه على ضيوف بيت الله الحرام، المسار الثالث، حيث تعمل كشافة وزارة التعليم على توزيع 8000 عبوة ماء يومياً، من أمام مركز (بادر) الكشفي لخدمة ضيوف الرحمن. وأما المسار الرابع فيأتي من خلال قيام أفراد الكشافة بتوزيع 1500 وجبة طعام جافة يومياً، من بعد صلاة الفجر أمام مركز (بادر) مع تقديم هدايا عينية، وذلك بالتعاون مع بعض الجهات الخيرية، وبشعار (احمي قدميك) فهو يمثل مسمى المسار الخامس، حيث يعمل الكشافون على توزيع الأحذية في خارج ساحات الحرم المكي الشريف بعد صلاة الظهر. كما وَزَّعَتْ جمعيةُ الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بأجياد في مكةالمكرمة أكثرَ من (6000) حقيبةٍ على ضيوف الرحمن تتضمنُ الاحتياجاتِ اللازمةَ التي تساعدُ الحجاجَ على أداء مناسك الحج بيسر وسهولة، وتأتي الهدايا ضمن مشروع حفاوة ضيف الرحمن الذي تُنَظِّمُهُ الجمعية في عامه الخامس على التوالي. موسم الحج مشاركة فاعلة للمتطوعين الصحيين العمل التطوعي جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان السعودي