بكل الفرح والسرور تلقيت الأنباء المبشرة التي تداولتها الصحف السعودية الأربعاء الماضي مبشرة بصدور نظام الشركات الجديد، ولا يسعني في بداية هذا المقال إلا أن أتوجه بالشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - لدعمهما هذا النظام وإصداره، والشكر موصول لمعالي وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي ولكل من ساعد وساند في إعداده، وأيضاً أبارك لمجتمع الأعمال السعودي هذه النقلة النوعية الجديدة لفضاء أرحب وأوسع وأكرم في مجال الأعمال، ولطالما انتظرنا هذه الخطوة المباركة التي سيكون لها أثر كبير في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وخلق بيئة استثمارية مناسبة قادرة على جذب الشركات والاستثمارات الأجنبية، وفي مقال سابق لي بداية العام بعنوان (المملكة.. والاستثمار) في صحيفة الرياض، تمنيت على أصحاب القرار بإعادة دراسة كل ما يؤثر على شركة ما منذ بدايتها حتى مرحلة التشغيل ثم توقفها عن العمل مثل بدء النشاط التجاري والحصول على الائتمان وحماية المساهمين أصحاب حصص الأقلية وتخفيف الأعباء الضريبية والتجارة عبر الحدود وإنفاذ العقود وتسوية حالات الإعسار والإفلاس، وها نحن الآن نرى تلك الأمنيات قد تحققت بفضل الله عز وجل أولاً ثم بفضل قيادتنا الحكيمة - حفظها الله -، ولهذا النظام الجديد دور مهم في تحفيز المنظومة التجارية وتنميتها؛ إذ يمتاز بالمرونة العالية لحماية الشركات، وتمكين القطاع الخاص، مستهدفاً تعزيز استدامة الشركات، ودعم الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تسهيل الإجراءات والمتطلبات النظامية، وتحفيز الشركات العائلية للتحول إلى شركات مساهمة، وقد تضمن النظام تطوير عدد من الأحكام المنظمة للشركات المساهمة، من أبرزها: الأحكام المتعلقة بواجبات ومسؤوليات أعضاء مجلس الإدارة بما يكفل كفاءة وفعالية جهاز الشركة الإداري وبما يصون حقوق المساهمين فيها، وإلغاء الحد الأدنى للقيمة الإسمية للسهم والسماح بتحديدها في نظام الشركة الأساس، والسماح بتقسيم الأسهم إلى أسهم ذات قيمة إسمية أقل أو دمجها بحيث تمثل أسهمًا ذات قيمة إسمية أعلى، وإضافة الأسهم القابلة للاسترداد إلى أنواع الأسهم التي يجوز للشركة إصدارها، والسماح بأن ينص نظام الشركة الأساس على فئات مختلفة من أنواع الأسهم ومنح بعض الحقوق أو الامتيازات أو وضع قيود على بعض تلك الفئات. وقد أضاف النظام الجديد كياناً جديدًا للشركات متمثلاً باستحداث الشركة المساهمة المبسطة التي لا يُشترط فيها حد أدنى لرأس المال، ويمكن إصدار أنواع وفئات متعددة من الأسهم، ويستطيع شخص واحد إدارتها أو أكثر، ونظام الشركة هو الذي يحدد النصاب اللازم لاجتماعات المساهمين وصدور قراراتها، ولا يشترط وجود جمعيات عامة في هذا النوع الذي يشجع على الاستثمار ويعزز دور رأس المال الجريء؛ ففي هونغ كونغ مثلاً وبصفتك أجنبياً بإمكانك فتح شركة محدودة وتعيين نفسك مديراً وحيداً ومساهماً في شركتك الخاصة دون الحاجة لوجود مديرين محليين، كما أنه لا يوجد داعٍ لاستئجار مكتب أو التعيين بدوام كامل، فقط يكون لديك عنوان مكتب وسكرتير للشركة، ولا تحتاج السفر إلى هونغ كونغ لتسجيل شركتك الناشئة فالتسجيل الإلكتروني متاح، يقول رئيس غرفة التجارة الأوروبية فريدريك غولوب: "لقد قامت هونغ كونغ بالكثير لتتمكن من تقديم المساعدة لتطوير الشركات الصغيرة والناشئة من خلال تزويدهم بالكثير من الدعم من خلال حاضنات الأعمال الناجحة والجامعات الجيدة والعديد من برامج التمويل العامة"، أتمنى أن يتم العمل على تطوير حاضنات الأعمال ورفع المستوى الجامعي المتقدم وبرامج التمويل بما يناسب المرحلة التي نحن فيها، وأيضاً العمل على رفع مستوى وكفاءة النظام الضريبي، وتسهيل التجارة عبر الحدود، فهذه كلها مع النظام الجديد تؤسس الأركان الأساسية لجذب الاستثمارات الخارجية وجعل المملكة قبلة لها. فسنغافورة نالت المرتبة الأولى في مؤشر فرص الاستثمار العالمية 2021 الذي أصدرته "وايت شيلد بارتنرز" مؤكدة مكانة سنغافورة كوجهة رائدة للاستثمار العالمي بسبب الحوافز الاستثمارية التي تقدمها للمستثمرين ووضوح وسهولة التعامل مع النظام القانوني في سنغافورة الذي يتميز بكفاءته ونزاهته، ويعد النظام الضريبي من أهم الحوافز الاستثمارية التي توفرها الحكومة السنغافورية للمستثمرين على أراضيها، إن النظام الجديد للشركات هو إحدى ثمار رؤية المملكة 2030، ويمثل تحولاً استراتيجياً في مفهوم الشركات، ويواكب المرحلة الحالية والمقبلة للمملكة، وقد عملت القيادة الرشيدة - حفظها الله - على رسم المستقبل الاقتصادي للمملكة في ضوء أفضل الممارسات الدولية لتكون في مصاف الدول المتقدمة، والقادم أفضل.