في الماضي لم تكن المرأة على ما هي عليه اليوم من الإبداع والقوة والتفاعل الثقافي، والمعرفي الذى زاد أحلامها طموحا، ومكانتها ريادة، وقدراتها نموا، وازدهارا، فالتحلي بالصبر، والإيمان بالوقت جعلاها تؤمن بذاتها، وأنها من أشد مخلوقات الله إيمانا برسالتها، ووزنها المجتمعي، والحضاري، وقد نرى المرأة تتألم كثيرا من الأحداث، والمواقف، والمشكلات التي تحيط بها لكن عندما يذكر أحد المستقبل وتحدياته ومخاوفه أمامها تبرز روحها المتفائلة إلى سطح مشاعرها، وآمالها كأنها لم يمر بها بؤس أو شقاء قط. في واقعنا الحالي تقدم تمكين المرأة للأمام وحقق قفزات واسعة، وقد رأينا بكل فخر إحدى السعوديات الناجحات في مجال ريادة الأعمال تفخر بأن التمكين قد حرر أحلامها من كل القيود التي يمكن أن تكبل كل امرأة طموحة تتحرك نحو النجاح والسعادة، ولعل الدعم الرائد الذي قدمه سمو ولي العهد - حفظه الله - للمرأة على وجه الخصوص قد ساهم في نجاح تمكين المرأة السعودية وتأهيلها الحضاري القيادي المميز، لقد عملت القيادة الرشيدة بجد ووعي تنموي وحضاري غير مسبوق في مجال التنمية لتمكين المرأة، وعندما يعزز مثل هذا التمكين الاستراتيجي مساهمتها في التنمية الاقتصادية فإن الآفاق التنموية تتسع أمامها، وأمام وطنها، وتصبح بيئة عملها خطوات متجددة نحو مزيد من الإبداع، والنجاح، والسعادة، وتزدهر جميع قطاعات التنمية في المجتمع، وتنخفض معدلات البطالة، وتصبح المرأة قادرة على كل ألوان الإنجاز، ونشاطاته، ومهماته الصغيرة والكبيرة، الفكرية، والعملية. في المستقبل لن يكون هناك حديث عن تشتت كيان المرأة، أو هوانها، أو عجزها، أو ضياعها. بل تستطيع المرأة أن تتخطى التحديات الصعبة، وأن تؤدي دورها تجاه المجتمع بوجود أحلام كبيرة تتحرك لها واستمرار مسيرة التمكين قوية، وصاعدة، ومتطورة ولا بد من الإشارة إلى أن التمكين المجتمعي الواعي يشجع دخولها عالم التنمية المستدامة بكل قوة بما يحقق لها الاستقرار، فالمرأة من دون تمكين تبقى زهرة بلا رائحة وشمعة بلا إضاءة، وقلب بلا نبض، وروح بلا حياة. لو أدرك الناس حجم قدرات المرأة الحقيقية لجالدوها على تلك القدرات بالسيوف، لذلك فالمجتمعات التي تكشف أسرار القوة الكامنة في طاقات المرأة وتمكن لتلك الطاقات تحول هذه الأسرار لبرامج عمل وإنجاز، وشراكة اقتصادية فاعلة، وتنمية مثمرة، إن المرأة قيمة حضارية مجتمعية أساسية، وركيزة نهضوية ثابثة، وراسخة في كيان الإنسانية، وقلق المرأة أو اضطراب حياتها لن يحل مشكلاتها، أو يغير النتائج لصالح أحلامها وتطلعاتها، بل سيحرمها سعادة حياتها وراحة شخصيتها، والخيار بيدها فإما أن تستسلم للتحديات فينهار كيانها، وإما أن تنهض لتشارك الرجل في بناء المجتمع والأخذ به لمستقبل تنموي ناجح وواعد فترتقي وتتسع آفاق سعادتها، وتبني عالما لا يتوقف عن الحركة والعمل والتطوير، وباختصار تصبح ملكة فتجمع بين كونها خير متاع الدنيا وخير لبنات الوطن، كما أن نجاح مشروع التمكين فضلاً عن أهميته أن تصعد المرأة وترتقي وتستمع بالحياة بقدر فأهميته الكبرى في بناء جسور الثقة بينها وبين قيادتها الرشيدة التي تتفهم مطالبها الحيوية، وحاجاتها الحضارية، وتؤمن بقدراتها الثقافية والتنموية، وهذه الثقة المتينة والقوية يجعل المرأة تبدأ تاريخا كونيا جديدا مليئا بالصعود والتقدم، وستتخذ قرارات جريئة نحو مستقبلها ووطنها، وعالمها وهكذا روح المرأة المتفائلة التي لا تجلب للحياة إلا المفاجآت الجميلة، والمواقف الطموحة، والإنجازات الملموسة، فالتمكين الواعي الذي يتم تأسيسه وفق سياسيات وخطط وبرامج متطورة تعمق ولاء المرأة لوطنها، ومؤسساته، وحاجاته، ومستقبله لا يفتح للمرأة أبواب القيادة فقط أو الرخاء بل يفتح لها أبواب الحياة، والسعادة، والتقدم، والعالمية أيضا. وإذا كان التمكين للمرأة يبني المرأة المميزة الاستثنائية، المبدعة الطموحة والمنتجة فهو يبنيها كي تعلو أحلامها فتسابق الوقت والزمن، وتوجه التغيير في العالم ليكون عالما أفضل من ماضيه وحاضره، وتصبح مؤثرة وملهمة للأجيال القادمة، وتختفي كل الأصوات التي ترى بأن المرأة كيان ضعيف، وعاجز دائما. د. محمود حسن محم