أن تقضي أعياد الميلاد بمفردك، فهي ليست أعيادك، إنما هي أعياد تجار الزينة. لا يهم أن تقضي عيد الحب وحيداً، فهو ليس عيدك، إنما هو عيد تجار الورد. لا يهم أن تقضي حياتك كلها دون سفر، دون مغامرة كبرى، دون اجتراح معجزة. لا يهم أن تجرب شعور ركوب الطائرة، فهي سيارة كبيرة، ركوبها لا يعني اتصالك بالسماء أو الغيوم. لا يهم أن تعجب أحدهم، فالغيب هو ما يجمِّل الفضول. ما يهم هو اتصالك بذاتك، فهمها والتفاهم معها، الوصول لراحة الضمير، الضمير الحي، مقاربة السلام الداخلي، ذلك هو ما يهبك الأعياد بلا مواعيد، والسفر بلا تذاكر، والتطواف بلا أمتعة، والحياد مع العالم الخارجي، بحيث لا يغريك مدح، ولا يسوؤك انتقاص. عندما تتسق مع ذاتك تصبح الأعياد والأسفار والعلاقات أشياء إضافية وذات معنى رائع، لكنها لا تكون ركائز تبني عليها حياتك ومباعث فرحك وتعاستك. إن الفرد المتصالح مع ذاته، العارف بموضعه وبما يريده، لا يكترث بالمكان والزمان، وربما عاش سعيدًا في بعض الكهوف الشاهقة النائية. ولا شك أن للدعاية الضخمة، والتوجيه المدروس، دور رئيس في تشكيل أمزجة وغايات كثير من الناس، من حيث لا يشعرون. وتكبر كرة التكريس بالعدوى والتوارث حتى لا يصبح هناك فردانية، ولا رؤية اختيارية، وكل ذلك في الغالب يتم بشكل لا واعي لدى المتلقي، لدى الجمهور، بينما في المقابل تزداد خبرة آلة التشكيل بحيث تنتقل من الخطوط العريضة إلى التفاصيل، بحيث ربما لا يصبح للفرد رأي حتى في اختيار لون رباط حذائه! وكل ذلك وهو غالبًا لا يشعر بسيادة التأثير عليه! لذلك، إن تجردنا من المؤثرات والانحيازات ربما تكون الرؤية لما نريده أوضح، والأهداف أثمن، والحياة أبسط، وبلا شك ستصبح المشتتات أقل. إذا كان الهدف الأسمى للإنسان هو الشعور بالسعادة أو السلام فقد يتم له وهو في بيته الصغير. يعتمد الأمر على كيف نفكر، ووضوح ما نريده، ومدى واقعية وقيمة ما نريد.