تبني مقاربات في قضايا إقليمية رئيسة وتعظيم المصالح الإسلامية في رمضان الماضي أظهرت صورة الرئيس أردوغان وهو يحتضن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال لقائهما في جدة؛ حميمية عالية؛ هذا اللقاء الذي تم بعد لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مع الرئيس التركي؛ دشن شراكة سعودية تركية؛ تمخضت عن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى أنقرة ولقاء استثناني غاية في الأهمية بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس أردوغان أمس في أنقرة؛ في مرحلة مضطربة للغاية تمر بها المنطقة والعالم الإسلامي تتطلب التشاور والتناغم بين الرياضوأنقرة؛ والتعامل مع قضايا الأمة الإسلامية بفكر توافقي يعمل على إيجاد حلول عادلة وفق قرارات الشرعية الدولية. وأكد المراقبون الأتراك في تصريحات ل»الرياض» أن إعادة تموضع الرياضوأنقرة وتعزيز الشراكة سيساهم في تعزيز العمل الإسلامي المشترك والحيلولة دون اتساع نطاق الأزمات في المنطقة، فضلاً عن إعادة شبكة العلاقات مع تركيا والقوى الفاعلة المعتدلة في المنطقة العربية مما يعطي زخماً للتكامل العربي والإقليمي والإسلامي.. وعادة ما تؤدي العلاقات الشخصية التي يقيمها القادة فيما بينهم دوراً مهماً في تشكيل العلاقات بين بلدانهم؛ بل إنها في بعض الأحيان يكون لها دور حاسم في تحديد مسار هذه العلاقات ويتضح جلياً في حالتي تركيا والسعودية، يبرز بوضوح تأثير هذا العامل على علاقات البلدين؛ فعندما تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز قيادة المملكة عام 2015، نشأت علاقة متميزة بينه وبين الرئيس التركي أردوغان، وكان لها دور مهم في دفع البلدين إلى تبني مقاربات متشابهة في قضايا إقليمية رئيسية كاليمن والدور الإيراني في المنطقة. واكدت مصادر رئاسية تركية ل»الرياض» أن للمملكة وتركيا جهوداً مشتركة في مكافحة الإرهاب، حيث يشارك البلدان في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، كما أن تركيا عضو في التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب، الذي أعلنت المملكة عن تشكيله في ديسمبر 2015، ويضم 41 دولة مؤكدة أن زيارة ولي العهد فتحت آفاق العلاقات وستكون لها انعكاسات إيجابية على المحيط العربي والإسلامي والعالمي. في هذا السياق، يقول الخبير التركي زاهد جول ل»الرياض» إن زيارة الرئيس التركي للمملكة ولقائه بالملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في رمضان الماضي دشنت عهداً جديداً في العلاقة بين البلدين.. ويستكمل جول قائلاً: وظهرت حميمية اللقاء في أنقرة بين الرئيس أردوغان وولي العهد حيث استقْبل الأمير محمد بن سلمان كضيف دولة، خصوصاً أن زيارته تأتي قبيل زيارة مهمة ومصيرية للرئيس بايدن للمملكة تتطلب توسيع دائرة الحوار مع شركاء المملكة وتوحيد المواقف مؤكداً أن زيارة سمو ولي العهد، إلى تركيا بعد زيارة الرئيس أردوغان للمملكة الشهر الماضي، والتي التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد عكست استشعاره للدور القيادي للمملكة في العالم الإسلامي ومكانتها العالمية، وإدراك تركيا لأهمية توطيد علاقاتها مع المملكة وتطوير التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين في جميع المجالات. وأكد جول أن تبادل الزيارات على مستوى عالٍ بين البلدين في فترات قصيرة يعكس وجود إرادة مشتركة سعودية تركية لبداية عهد جديد من الشراكة، وستعطي دفعة لخريطة التحالفات والمصالح في المنطقة والعالم الاسلامي وإحلال السلم والأمن الدولي.. واتضح جلياً من خلال زيارة الرئيس أردوغان للمملكة في رمضان سعيه لإقامة شراكة طويلة مع المملكة عندما التقى الملك سلمان وولي العهد في جدة؛ هذه الزيارة التي أسهمت في دفع العلاقات وإلى الانخراط في شراكة لمصلحة البلدين ومصالح الأمة. ويبدو أن إحدى الركائز الأساسية لاستراتيجية البلدين المقبلة هو تعزيز الحوار السياسي الاستراتيجي؛ وتعظيم الشراكة الاقتصادية وجذب استثمارات وفتح المجال للقطاع الخاص لتعزيز الشراكات الاستثمارية وفق الرؤية 2030، وقالت مصادر دبلوماسية خليجية ل»الرياض» إن سمو ولي العهد يحرص على مد الجسور وتعزيز العلاقات مع مختلف دول العالم والدول الإسلامية على وجه الخصوص، بما يحقق التنمية والازدهار للمملكة ولتلك الدول، ويسهم في تنسيق المواقف في مواجهة الأزمات والتحديات التي يواجهها العالم الإسلامي. وترتبط المملكة مع تركيا بعلاقات تاريخية وثيقة، ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى العام 1929، وذلك إثر توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بين البلدين في العام السابق له، وتوطدت العلاقات الثنائية عبر الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، وكانت أولاها زيارة الملك فيصل -الأمير حينذاك- لتركيا في العام 1932 في طريق عودته من رحلة أوروبية، وزيارته الثانية لها بعد أن أصبح ملكاً في العام 1966. وساهمت التحولات الدراماتيكية في المنطقة والعالم إلى إعادة تموضع للدول وخلق مسارات جديدة لتعزيز الشراكات، وأكد الخبراء أنه خلال عامي 2015 و2016، شهدت العلاقات بين المملكة وتركيا حراكاً وتطوراً ملحوظاً حيث عُقدت خمس قمم سعودية تركية جمعت الرئيس أردوغان مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وتُوجت زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز الرسمية إلى تركيا في أبريل 2016، ولقائه بالرئيس أردوغان، بالإعلان عن إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي بهدف تعزيز التعاون المشترك في المجالات السياسية والدبلوماسية، والاقتصاد والتجارة، والبنوك والمال، والملاحة البحرية، والصناعة، والطاقة، والزراعة، والثقافة، والتربية، والتكنولوجيا، والمجالات العسكرية والصناعات العسكرية والأمن، والإعلام، وقد عقد المجلس اجتماعه الأول في فبراير 2017 في أنقرة. وتراقب الأوساط العالمية والإسلامية والعربية مخرجات زيارة ولي العهد لتركيا ونتائج لقاءاته مع الرئيس أردوغان؛ حيث أجمعت عدة مصادر عربية وإسلامية رفيعة ل»الرياض» أن زيارة ولي العهد لتركيا تعتبر حدثاً عالمياً بكل المعايير؛ إذا نظرنا للدور القيادي الإسلامي الذي تضطلع به المملكة في المحيط العالمي؛ إلى جانب ثقل تركيا في المحيط الإسلامي والأوروبي وضرورة التناغم بين هذين البلدين الكبيرين. وتؤكد الأوساط الاقتصادية التركية أن تأسيس مجلس الأعمال التركي السعودي في أكتوبر 2003، أسهم في الدفع بتطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث شهدت منذ ذلك الحين تطوراً سريعاً وملحوظاً، إذ أصبحت المملكة شريكاً اقتصادياً مهماً لتركيا، ومن ضمن أكبر 8 شركاء تجاريين لها على مستوى العالم. كما نجحت بيئة الأعمال الجاذبة في المملكة باستقطاب 390 شركة تركية للاستثمار في السوق السعودي برأس مال إجمالي بلغ 985.6 مليون ريال، وتنشط الشركات التركية في قطاعات عدة، ولم تتاخر المملكة في تقديم الدعم لتركيا وتوضح إحصاءات منصة المساعدات السعودي، أن المملكة قدمت إلى تركيا مساعدات مالية بقيمة 463.816.390 دولاراً، عبر 37 مشروعاً شملت قطاعات التعليم، والطاقة، النقل والتخزين، والصحة، والمياه والإصحاح البيئي، وذلك منذ العام 1979 وحتى العام 2020، وكان الدعم الأكبر في عام 2001 بمبلغ 205.550.000 دولار. الحراك الذي قادة ولي العهد خلال جولته لبحث تطورات الأوضاع عربياً وإقليمياً ودولياً انعكس في قوة الدبلوماسية التفاعلية والدور المحوري لها في المنطقة ونتائجها ستظهر قريباً.