سؤال طُرِح عليّ منذ فترة من جانب صحافي، والصحافة مهنة الأسئلة كما يقال، سؤال باغت صمتي واقتحم اكتفائي بقلمي عن لساني، لم أسأل نفسي يوماً لماذا اعتزلت الصوت إلى همس الورق، وقد أجد صعوبة في التبرير، ولكن سأحاول أن أهز صمتي وأعتصر همسي لأخرج إليكم بأسباب مقنعة إجابةً للسؤال المطروح. فأنا أكتب حين أتألم، أكتب حين يداعبني الفرح، أكتب تفاعلاً مع الآخر، أكتب لأخرج من عالم الجديات والمحسوسات إلى كون يحتوي جنوني ويتسع لخيالي وينبتني زهوراً تندلق على صفحات البوح عطراً حين أشتاق تعانق روحي القلم وتراقصه بلا خجل وحين يصمت قلمي فروحي قد أجدبت وجف مدادها. إذاً الكتابة هي جزئي المتحرك في حروف وكلمات، أهرب على أجنحتها من الواقع أحياناً وأعيش في خيالها ما عزَّ في الواقع، أكتب لأفك قيد حروفي المخنوقة وأنثرها عبيراً لعشاق الحرف وذُوَّاقيه. أكتب لأغازل الفرح وأراقص الأمل، وأتحسس المواجع في مهب العواصف، أكتب لأني لابد أن أكتب؛ فالكتابة بشكل عام تفريغ وتفريج، أكتب لأحرر مشاعري المكبلة ببلادة الطباع وتصحر القلوب. يقول جبران خليل جبران: (بالنسبة للإنسان الذي لم يعد لديه وطن، تصبح الكتابة مكاناً له ليعيش فيه) ولأن الله وهبني أسلوب الكتابة الأدبية فهي وسيلتي وترجماني ورسالتي إلى مجتمعي، ويتضح ذلك في خط سيري في نتاجي الأدبي، ففي إصداري الأول انبعثت من قلمي المتعايش مع شخوص حياتي إيماءات خاطفة متحسسة لأحداث المجتمع ومواجعه في ثوب قصصي، وفي الإصدار الثاني دفقات خاطر بملامح شعرية بلا قيود نبهت متعة التلقي، ومشاعر ذاتية متباينة، انين وحنين ولقاء وفراق واقتراب وابتعاد تلك هي خطة السير لحرفي، وفي كل ذاك أجد نفسي، فأنا وقلمي وشعوري كيان لا يتجزأ. * قاصة سعودية