السياسة عالم متقلب، لكن حقائق التاريخ ثابتة لا يمسها التغيير، والمملكة عبر تاريخها الطويل أثبتت دوماً أنها دولة راسخة متينة، وحليف موثوق، وقد دلت محطات تاريخية على ثبات هذه الحقيقة، وتصاعد مكانة المملكة، إذ تجاوزت أهميتها نطاقها الإقليمي، لتصبح دولة قرار على الصعيد الدولي. لذا فإن من يقرأ التاريخ ويدرك أوزان الدول، كان متيقناً أن العلاقة السعودية الأميركية أكبر من أي خلافات أو سوء تقدير، فالمملكة بمكانتها السياسية والاقتصادية والدينية ستظل على الدوام ركناً قوياً في المنطقة والعالم ولا يمكن تجاوز دورها الحاسم في العديد من الملفات والأزمات سواء في المنطقة، أو على صعيد الوضع العالمي، وتأتي زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المزمعة للمملكة منتصف الشهر المقبل، لتؤكد على هذه الحقيقة وتبرهن متانة العلاقات التاريخية بين البلدين، ومناعتها أمام أي أزمة مفتعلة، أو قراءة سياسية خاطئة. تستشعر قيادتا البلدين، خطورة المرحلة الحالية، وحجم التحديات المشتركة، حيث يواجه العالم أزمة خطيرة، أشعلتها الحرب الروسية الأوكرانية، أدت لأزمات واسعة على صعيد الطاقة والغذاء، كما خلقت حالة استقطاب دولية حادة، في الوقت الذي تخلو فيه الساحة لأطراف إقليمية، لتوسيع مخططاتها للخراب والفوضى في المنطقة، وفي ظل هذه الصورة القاتمة يبرز التنسيق السعودي الأميركي ضرورة ملحة، كمرتكز أساس لمواجهة المخاطر، وحماية الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً. استقبال خادم الحرمين وولي العهد -حفظهما الله- لبايدن، والقمة العربية الأميركية حدثان مفصليان، يحملان إشارات مطمئنة حول الأمن الإقليمي، واستقرار الشرق الأوسط، ويتوقع أن يؤديا إلى ترتيبات تسهم في حلحلة كثير من القضايا والأزمات المعقدة في المنطقة، وإطلاق خطة عمل ترتكز على فهم أعمق للأزمات ومنطلقاتها، مما يؤدي لاجتراح سياسات أكثر نجاعة وواقعية تسهم في حل هذه الأزمات وتعزيز الأمن والاستقرار، ويبقى منسوب التفاؤل عالياً، وأول ما يعزز التفاؤل أن واشنطن تدرك أن المملكة هي العنوان الأمثل لأي جهود تخدم السلام والأمن العالميين.