خلال دراستي في المرحلة الثانوية، ومع اقتراب امتحانات نهاية العام، كنت كغيري من الطلاب نستشعر أهمية هذه الفترة، إذ كان المعدل الدراسي النهائي لمرحلة التوجيهي يحدد حرفياً مستقبل كل طالب. وقبل بدء الامتحانات بأيام قليلة، دخل أستاذ إحدى المواد العلمية إلى الصف، وبدأ الكتابة على السبورة، وحين التفت إلينا رأى الوجوه الواجمة التي أنهكها التفكير. فما كان منه إلا أن توقف عن الكتابة وبدأ نصيحته التي لازلت أذكرها إلى الآن. مما قاله الاستاذ، أنه من الطبيعي أن يشغلنا التفكير بالمستقبل نحن الطلاب، ومن المتوقع جداً أن نستشعر ثقل فترة الامتحانات وما يترتب على نتائجها. لكن الخطأ هو أن نضعف ونستسلم لهذا القلق دون فعل شيء. من الجيد أن تكون لدينا تصورات مسبقة للجامعة والتخصص العلمي المرغوبين، لكن وقت اتخاذ هذا القرار والتنفيذ سيأتي بعد انتهاء الامتحانات وليس قبلها. فلا ينبغي أن نستغرق كثيراً في التفكير في أمور مستقبلية على حساب التركيز في الاستذكار وهو الأهم في الفترة الحالية. وأضاف الأستاذ، بدل أن ننظر إلى هذا الموقف وكأنه امتحان واحد ضخم نعجز عن حمله، علينا أن ننظر إليه على حقيقته وهي أنه عدة امتحانات منفصلة لعدد من مواد. وعليه من الأفضل مذاكرة كل مادة دراسية لوحدها بوقت مناسب بناء على موعد امتحانها، وتدارك احتياجاتها في وقت مبكر. فإذا اكتملت مراجعة إحدى المواد، بدأنا بمذاكرة المادة التالية مباشرة. واختتمت النصيحة، أنّ الفترة المتبقية من الفصل الدراسي كفيلة بصنع أفضل نجاح، بشرط أن نبدأ العمل والمراجعة منذ اليوم، وألا نؤجل هذا الأمر أكثر. وبطبيعة الحال، فالمذاكرة عملية متعبة وتتطلب تركيزاً عالياً، لكن في النهاية، فموسم الامتحانات فترة مؤقتة تدوم قرابة أسبوعين، وعلينا أن نبذل خلالها كل جهد ممكن. انتهت النصيحة، لكن فائدتها مازالت سارية إلى اليوم. وإن كانت موجهة إلى طلاب الثانوية، فأنا أراها قابلة للتطبيق في مجالات أخرى للتعامل مع كافة الأمور ذات الأهمية في الحياة ، مثل تنفيذ مشاريع ضخمة أو إدارة منظمة كبرى. وفيما يلي تلخيص لأهم النقاط فيها. أولاً مشاعر الإنسان، مثل القلق والخوف، قد تغلب على صوت العقل أحيانا. ولابد من التعامل مع هذه العواطف وكبحها حتى لا تؤثر على التفكير واتخاذ القرار الصحيح، وهذه إحدى تطبيقات الذكاء العاطفي. ثانيًا، المهام الكبيرة الصعبة بالإمكان تجزئتها إلى مهمات أصغر وأسهل في التحكم والتنفيذ، ويتم إنجازها خطوة بخطوة حتى إتمام العمل كاملاً. ثالثًا، إدراك أهمية إدارة الوقت وترتيب الأولويات. ومن ذلك عدم تأجيل العمل، والتركيز على إنجاز الأهَمّ من الأمور ثم على المُهمّ منها. وإن تطلب الأمر بذل جهود مضاعفة في مرحلة صعبة، فهو أمر مؤقت سينتهي بإكمال تلك المرحلة بالتأكيد، فلابد من الصبر. وختاماً، أشكر أستاذي محمود أبوعقيل من مدارس دار الفكر بجدة على نصيحته الغالية، وأتمنى التوفيق لجميع الطلبة في امتحاناتهم المدرسية وفي مستقبل حياتهم المهنية كذلك، راجيا أن تعمّ الفائدة وأن تبقى في الأذهان "نصيحة أستاذ". د. وائل أمان الله بخاري