كانت إمتحانات الثانوية العامة تُحسب عليها النسبة كاملة، وعلى ضوء هذه النسبة يُحدد قبول الطالب في الجامعات من عدمه، وفي السنوات الأخيرة تبنت وزارة التعليم العالي قياسات واختبارات جديدة تتمثل في اختبار القدرات العامة «اللغوي» و»الرياضي»، وكذلك الامتحان «التحصيلي»، وتختلف الجامعات لدينا في تقدير نسبة القبول؛ فنجد بعضها تعطي الامتحان التحصيلي (50%) والقدرات (30%) وشهادة الثانوية العامة (20%)، واحتسبت مؤخراً نسبة مرحلة الثاني الثانوي ب(20%)، لتقل نسبة الصف الثالث في العلامة الموزونة التي يترتب على ضوئها القبول!. ويعدُّ اختبار القياس لدى طلاب المرحلة الثانوية هاجساً سنوياً يبدأ منذ إلتحاق الطالب بالصف الأول الثانوي، حيث يتعلق مصيرهم ومستقبلهم العلمي والتحاقهم بالجامعات باجتياز هذا الاختبار وتحقيق درجة متقدمة، الأمر الذي قلّل من أهمية نتائج الثانوية العامة، التي لا تمثل سوى (20%) أو (30%) من نسبة القبول في الجامعات. شبح القياس وأوضح «رائد العطية» -طالب- أنّ اختبار قياس القدرات العامة والاختبار التحصيلي أصبح شبحاً يؤرق طلاب الثانوية العامة، وباتت عقبة أمام مستقبلهم، مبيناً أنّ هذا الأمر هو سرّ الإحباط المرسوم دائماً على وجوه طلاب الثانوية العامة، حيث إنّهم يتخوفون من المستقبل وما تخفيه درجات اختبار القياس والاختبار التحصيلي. الشهادة الثانوية وذكر «فائز الأحمدي» -معلم- أنّ التقليل من نسبة الشهادة الثانوية في علميات القبول الجامعي أصغرتها في أعين الطلاب، حيث إنّهم لم يعد لديهم ذلك الاهتمام بالشهادة الثانوية وتحصيل أعلى الدرجات كما كان في السابق، إذ أنّهم باتوا على علم بأنّها لن تؤثر كثيراً إذا ما حققوا درجات كافية في اختبار القدرات والاختبار التحصيلي، مضيفاً أنّ هذه النظرة المستصغرة للمدرسة كانت عاملاً لإساءة تعامل الطلاب في المرحلة الثانوية لمعلميهم، ودافعاً للسلوكيات التي انتشرت بين طلاب هذه السنة الدراسية سواءً الهروب المتكرر من المدرسة أو الغياب بدون أعذار. وأيّده «سعيد القرني» -معلم- مضيفاً أنّ المعلم لم يعد يجد التقدير في مدرسته؛ فقد سلبت منه هيبته التربوية والتعليمية، وأصبحت نصيحته للطلاب بالجد والاجتهاد في التحصيل غير مقبولة، وربما كانت محل سخرية لدى الطلاب، حيث يرد بعضهم أن لا فائدة للجد والاجتهاد في الدراسة طالما الكلمة الأعلى لاختبار القدرات والاختبار التحصيلي. استنفار أسري و«قلق نفسي» ينتهي إلى حالة إحباط وشعور أن «الدنيا قفّلت» ورأى «عمر آل فواز» -معلم- أنّ الاعتماد شبه الكلي على اختبار القدرات والاختبار التحصيلي قلّل من قيمة مخرجات التعليم العام عند الجامعات، ولذلك غالباً ما يكون الحكم عليها بالفشل، مدللاً على ذلك بالنسبة «الضئيلة» التي تمثلها شهادة الثانوية العامة في نِسب قبول الطلاب بالجامعات. إعادة الاختبار وبيّن «فيصل الزهراني» -طالب- أنّه مع بداية مرحلة الثاني الثانوي يدخل في اختبارات قياس القدرات، ويعيدها أربع مرات خلال السنتين، وفي كل مرة يطمح إلى تحقيق أعلى الدرجات، ثم يدخل في اختبارات التحصيل العلمي، مشيراً إلى أنّ هذه الاختبارات أهمّ من اختبارات الثانوية العامة، ولذلك يحرص عليها ويبذل فيها جهداً لا يبذله في اختبارات الثانوية. د.عبدالرحيم الغامدي العبء المادي وقال «محمد بن مانع»: « نعاني نحن الآباء مع أبنائنا كثيراً من اختبار القدرات، حيث يؤثر كثيراً على الاستقرار النفسي لفلذات أكبادنا وبالتالي نتأثر نحن، إضافةً إلى العبء المالي خاصةً بعد أن شمل الاختبار مرحلة الثاني ثانوي للبنين والبنات، فالأب يدفع رسوم الاختبار لأبنائه وبناته أكثر من مرة في السنة، رغبة منه في تحقيق أعلى الدرجات، إذ يرتبط بها مستقبلهم العلمي والعملي». تهيئة الطالب وناشد «د.عبدالرحيم بن سعيد الغامدي» -أستاذ قسم هندسة النظم بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن عضو سابق بلجنة إعداد امتحانات القدرات العامة- وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في اختبار شهادة الثانوية العامة وإلغاء الإختبارات، والتركيز خلال الشهرين الأخيرين من الفصل الدراسي الثاني على المواد العلمية للمرحلة الثانوية الصف الأول والثاني والثالث ثانوي، حيث يستعيد الطلاب مدة ثلاث سنوات لحصد ثلاث نقاط بينما يتم تهيئته لحصد (50) نقطة خلال يومين أو أسبوع، مشيراً إلى أنّ نسبة الشهادة الثانوية في القبول بالجامعات ال(20%) مقسمه على شهادة أول وثاني ثانوي و(10%) منها مقسمة بين الفصل الأول والثاني للصف الثالث ثانوي، حيث يحسب لكل فصل خمس نقاط، وتقسم نقاط الفصل الثاني على نقطتين لأعمال السنة وثلاث نقاط لاختبار آخر السنة، مبيناً أنّ الأسر تدخل حالة استنفار قصوى نهاية كل عام دراسي من أجل ثلاث نقاط من المجموع العام، مضيفاً أنّ جهد هذه الأسر يكون مهدراً إذا حصل على نسبة عالية في الثانوية العامة ولا يقبل في الجامعة. إهمال الأهم ولفت «د.الغامدي» إلى أنّ بعض الآباء يخطيء فيقلل من قيمة اختبار القدرات والاختبار التحصيلي، ظناً منهم أنّ اختبارات الشهادة الثانوية أهمّ وأكثر تأثيراً في القبول لدى الجامعات، مبيناً أنّ الاختبار التحصيلي تصل نسبته في القبول إلى (50%)، وعادةً ما يكون بعد اختبارات الثانوية العامة مباشرةً، حيث لا يمكن للطالب التجهزّ له، ويكون الاختبار في خمس مواد علمية «اللغة الإنجليزية» و»الرياضيات» و»الفيزياء» و»الكيمياء» و»الأحياء» تمت دراستها خلال المرحلة الثانوية، متسائلاً: «كيف يستطيع الطالب خلال ثلاثة أيام تفصل بين اختبار شهادة الثانوية والاختبار التحصيلي التركيز لتحصيل درجات عالية لإمتحان يؤثر (50%) في قبوله بالجامعة؟، وكيف يعطى اختباراً لا يؤثر في ذات النسبة مدة طويلة للتجهّز والمذاكرة ويهمل الاختبار الأهم ولا يعطي حقه؟». إلغاء إمتحان الثانوي وأضاف «د.الغامدي»: «لو أنّ هناك وعياً كاملاً لما وضع الإمتحان التحصيلي مباشرة بعد إختبارات الثانوية، ومن المفترض إعطاء الطلاب أسبوعين أو ثلاثة للاستعداد للاختبار التحصيلي، وهي ليست كافية بوجهة نظري لمذاكرة المناهج العلمية للأول والثاني والثالث ثانوي، والحل بسيط جداً ويتلخص في إلغاء امتحان شهادة الثالث الثانوي والاكتفاء بأعمال السنة فقط، ويكرّس آخر شهرين من الفصل الدراسي الثاني للاستعداد للامتحان التحصيلي، وسنجني العديد من الفوائد أولها ضمان قدرة الطلاب على دخول الامتحان التحصيلي وهو في أتم الاستعداد، وضمان قبوله في الجامعات داخل المملكة أو خارجها».