رصدت دراسة أجرتها هيئة السوق المالية (مارس 2021) استقالة 128 رئيسا تنفيذيا في 97 شركة سعودية مدرجة خلال الفترة من 2016 إلى 2020. وكشفت الدراسة التحليلية أن متوسط خدمة الرئيس التنفيذي المستقيل في الشركات السعودية بلغ 3.4 أعوام، وهو الأقل من بين عينة مختارة من الدول، حيث إن متوسط سنوات خدمة الرؤساء التنفيذيين في أميركا يبلغ 10.2 أعوام، وماليزيا 9 أعوام، والإمارات 5 أعوام، وبريطانيا 4.8 أعوام، وجنوب أفريقيا 4.3 أعوام، ثم كوريا الجنوبية في المرتبة ما قبل الأخيرة ب 3.6 أعوام. وسواء كانت الاستقالة طوعية أو قسرية، فقد أشارت دراسة الهيئة إلى العوامل الرئيسة التي تؤثر في استقالة الرئيس التنفيذي، وهي: عوامل مرتبطة بالشركة (أداء الشركة، هيكلة الملكية، الرافعة المالية، حجم وتنوع أعمال الشركة)، وعوامل مرتبطة بمجلس الإدارة (تكوين المجلس، عدد أعضاء المجلس، هيكلة الإدارة)، وعوامل مرتبطة بالرئيس التنفيذي (العمر، الملكية، مدة الخدمة، الجنس)، وعوامل مرتبطة بالقطاع (أداء القطاع، تنوع الأعمال). علاوة على ذلك، رصد موقع "الرؤساء التنفيذيين السعوديين" استقالة 52 رئيسا تنفيذيا لشركات سعودية مدرجة عام 2021 مقارنة ب 33 استقالة في 2020، كما لاحظت بناء على رصد خاص أن هناك شركات سعودية عينت رؤساء تنفيذيين في 2021 إلا أنهم لم يكملوا عامهم الأول وغادروا باستقالة أو إقالة. هل هذا يعني أننا نشهد تناقص متوسط خدمة الرئيس التنفيذي إلى مدة تقل عن 3.4 أعوام؟ هل نحن أمام مشكلة نفاد صبر المجالس أم مشكلة تدني كفاءة القياديين أم مشكلة محسوبيات أثرت على قرارات الاختيار والتعيين؟ هل جاء معظم أولئك الرؤساء التنفيذيين من داخل الشركات أم جرى استقطابهم من خارجها؟ وإذا جرى استقطابهم، فهل نلقي باللائمة على شركات الاستقطاب؟ لا شك أن دخول القياديين لأي شركة وخروجهم منها خلال فترات وجيزة ظاهرة ليست صحية، فهي تعكس حالة من عدم الاستقرار، إذ أن الأمر لا يتوقف عند خروج الرئيس التنفيذي، بل يتجاوزه أحيانا إلى تغيير "الطاقم" الذي جاء معه، وإلغاء ما رسمه من خطط وبرامج وقرارات، مما يعني هدر المزيد من الموارد، والبدء من نقطة الصفر! لكن لو أخذنا متوسط سنوات خدمة الرؤساء التنفيذيين في الدول السبع التي شملتها دراسة هيئة السوق المالية، وهي 5.7 أعوام، سنجد أنها فترة - لو أخذ بها أو ما يقاربها - كافية لبناء الشركة وتعظيم مكاسبها وتقليص مخاطرها. أما بالنسبة لمجالس الإدارة، فكان بالإمكان إدراك المؤشرات التي تؤكد أو تنفي مدى كفاءة الرئيس التنفيذي عند توليه المنصب (الرمح من أول ركزه)، ويتمثل ذلك في نوعية قراراته، واختياره لأعضاء الفريق، وسعيه لتعزيز علاقاته مع أصحاب المصلحة. فالشركات لا تحتاج إلى رؤساء تنفيذيين أكفاء فحسب، بل تحتاج إلى مجالس إدارة تختارهم بعناية فائقة بعيدا عن المجاملات والمحسوبيات كيلا تقع في حرج "الترحيب" من جهة، و"التوديع" من جهة أخرى! بندر الضبعان