إذا فعل الإنسان ما يكون ضداً عن نموذجه الخاص والعام فإنه يشعر بما نسميه تأنيب الضمير، أي: عودة البنية الأولى لإرجاع الفرد إليها عن طريق هدم اللاشعور وإيقاظ الشعور، وكأن الفرد كان حالماً وحان موعد استيقاظه! لكن تأنيب الضمير يعمل على الهدم في الغالب، ولعلي أعرف بأنه: معاونة الذنب على هدم النفس. اختلف الفلاسفة عبر التاريخ في تعريف ووصف السعادة، فسقراط يرى أنها الحكمة، وأفلاطون يرى أنها الاعتدال بين العقل والشهوة والانفعال، ويرى أرسطو أنها علم وجودي وأكبر من كونها شعور داخلي، وتبحث في تنظيم حياة الإنسان فتوجهه إلى ما ينبغي عمله وما ينبغي تركه، ثم يقسمها إلى ثلاث مراتب: السعادة باللذة والشهوة، فهي لحظية. الرغبة في المجد، فهذه نخبوية. التأمل والتعقل، فهذه هي السعادة المطلقة. ويتجه معناها عند ابن مسكويه إلى كل ما يجلب الخير للإنسان، وعند الفارابي هي قوة الإرادة وفعل الحسن وتجنب القبيح، وغيرها من التعريفات التي لا تنتهي. تأنيب الضمير يقلل من حظ النفس بالسعادة، وعند تأمل جميع التعريفات سنجدها تؤكد على أهمية القوة الداخلية والاعتدال والانضباط في الأخذ والترك، لكن تأنيب الضمير يعمل على التطرف في تحميل النفس ما لا تطيق، فالواجب على الفرد أن يربي نفسه على مجانبة تأنيب الضمير، وتجويد أقواله وأفعاله قدر المستطاع، والاعتذار عن الخطأ حين وقوعه دون البقاء في عالم الذنب والسباحة في محيطه الغادر، بل مغادرته أمر لازم ضروري. نهاية المطاف؛ الخطأ طبيعة بشرية لن يسلم منها أحد، وعند فهمك لهذه القاعدة ستغادر عالم تأنيب الضمير.