الأكل والشرب من الضروريات الإنسانية، لا يستغني عنهما أي ذي نفس، بل لا تصور للحياة بدونهما، ومن أجل ذلك يسعى الإنسان ويحاول، وينفق جل وقته في سبيل الحصول على الرزق، ونظراً إلى احتياج الإنسان إلى المأكل والمشرب شرع الله له كل ما ينفعه، حيث قال: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) وذكر الإسراف مع الأكل والشرب قد يحدث سؤالاً في أنفس أولئك الذين لا يرزقون إلا كفافاً، لأنهم يحفرون البئر عند كل شرب، أما المجتمع المرفه مادياً واقتصادياً فهو أعلم بمظاهر الإسراف والتبذير فيما عنده من نعم الله تعالى. من هذا المنطلق، أعجبتني مقالة الأستاذ عبد الله السعدون في نشرة 27/10 حول موضوع هدر الطعام، وقدم الأستاذ الموضوع في شكل جذاب، أشكره على هذه المقالة القيمة إذ نحن في حاجة ماسة إلى الوعي الغذائي إضافة إلى الوعي المالي بجواره. وذكر الكاتب -أحسن الله إليه- بعض الإحصائيات والمؤشرات التي -في ظني- كافية لأن ننهض ونفكر في حفظ نعم الله علينا لتدوم، وأود إضافة تصريحات الرئيس التنفيذي لبنك الطعام السعودي الأستاذ فيصل الشوشان في برنامج على قناة خليجية حيث أشار إلى تغيير ثقافتنا في الأفراح والمناسبات، حيث تهدر الأطعمة بكمية هائلة، ورفع وعي المجتمع حول هذا الموضوع، كما ذكر أن الكرم لا علاقة له بهذا الهدر الضخم، بل سلوكياتنا في حاجة إلى التغير، وهذا لا يتأتى بالحملات التطوعية فقط، بل لا بد من فرض الأنظمة والعقوبات بهذا الصدد. أذكر أن السيد أحمد الشقيري في أحد برامج خواطر (11) ذكر "مطعم مرمر" في الشرقية له بداية محمودة في حفظ النعمة، حيث كان مكتوباً عند بابه: "قال الله تعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) زبائننا الكرام، استشعاراً لمعنى الآية الكريمة ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية.. ننوه بأن مطعم مرمر سيطبق غرامة على كل زبون لا يكمل تناول وجبته، ولكم جزيل الشكر". ووضعوا هناك صندوق الغرامات. ما أجمل هذه الفكرة وما أحفظها للنعم. لا ريب أن الموضوع مهم، والإحصائيات والمؤشرات تشين ناصية السعودية البيضاء، أسأل الله أن يرفع وعينا ويرزقنا ما يحبه ويرضاه.