أجمل ما يمكن أن يمر على الإنسان من خلال خوض تجاربه الخاصة هو ما يعرف بالبحث عن الأفكار والعناية بها لتكون أفكارًا جديدة وجديرة بالتقدير والاحترام والقبول، والتجربة عموماً هي الكفيل الوحيد الذي يؤمن الحصول على فكرة جيدة إذا ما ابتعد صاحبها عن التقليد ودروب المقلدين الذين سبقوه، فصحيح كل من سار على الدرب وصل، ولكنه وصل على الخطى ذاتها والطريق نفسه ولم يبتكر طريقه الجديد، وهو أمر يجعل وصوله عادياً في نظر الجميع. ويتعدى أمر الفكرة إلى كل مجال ولا يقتصر مجالها على مسار أو مجال معين، فهي قد تكون تجارية أو ترويجية وحتى تكتيكية أو فنية وإبداعية، وقد تتجاوز بذاتها إلى الريادة أحياناً وينسحب ذلك أيضاً على الكتاب الرائعين الذين يطرقون كثيراً من الموضوعات ولكن بطريقة مبتكرة وشيقة تجعل من طرحهم وتناولهم للموضوعات التقريرية مادة شيقة بكل ما يحتمله معنى التشويق. فهم يعالجون أطروحاتهم بأفكار متجددة على مستوى اللغة لأنها الكائن الحيوي المتجدد على الدوام الذي تنعشه ثقافة الكاتب وسعة اطلاعه وتوظف كل ما يدور حوله ضمن قالب إبداعي يحتمل ذات الموضوع الذي تناوله الآخرون، ولكن بصيغة فريدة وصورة رائعة تشد القراء وتنال إعجابهم واهتمامهم وترتقي إلى ذائقتهم أخيراً، من خلال روعة الألفاظ وعجيبها التي يأمرها كاتبها فتجيب وتتشكل كيفما أراد من دون تكلف أو تصنع مبالغ فيه، كالحرص على حشد الشواهد والأمثلة والسياقات المعروفة، وكأنه بذلك يرى الكلمة ويلمسها ويستمتع بها، وهي تصعد إلى ذائقة المتلقي وتلامس ذوقهم.