على وقع توتر الشارع باحتجاجات المعارضة وانحدار الوضع الاقتصادي، تستمر الحكومة الباكستانية في مواجهة التحديات الكبيرة باتخاذ قرارات مؤلمة، للتعامل مع تداعيات الوضع الاقتصادي، رغم أنها لم تكمل شهرين، خصوصا بعد محاولة رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وضع الباكستان في فوهة البركان، وإطلاق مسيرة احتجاجية نحو العاصمة إسلام أباد التي تسببت في حدوث اشتباكات بين مناصريه مع الشرطة وحدوث حالة فلتان حيث دمر مؤيدو عمران الممتلكات وأحرقوا السيارات والأشجار مما اضطر الشرطة الباكستانية لاستخدام الغاز المسيل للدموع وأطلقت أعيرة تحذيرية لتفريقهم، واعتقلت المئات من أنصار خان، في سبيل وقف مسيرته المقررة إلى إسلام أباد، ورغم فشل خان في المسيرة الاعتصامية باتجاه إسلام أباد إلا أن محللين باكستانيين أكدوا ل"الرياض" أن عمران خان ما زال يمثل خطرا على الحكومة كونه سيستمر في إعادة المحاولة مرة أخرى خصوصا أنه أمهل الحكومة ستة أيام مضى منها يومان، وقال عمران خان في مؤتمر صحفي عقده أمس إن فشل المسيرة الاحتجاجية كان بسبب استخدام عناصر الشرطة القوة المفرطة ضد مناصريه، نافيا في نفس الوقت وجود أي صفقة مع الجيش لوقف المسيرة الاحتجاجية. وكشف خان أنه مستعد للجلوس والتفاوض مع الحكومة في جميع الموضوعات الخلافية بشرط إعلان موعد الانتخابات المبكرة. فيما قال رئيس الوزراء شهباز شريف، أمس إن الحكومة هي التي ستقرر موعد إجراء الانتخابات العامة، مؤكدا أن الحكومة الحالية ما زال أمامها عام على الأقل في فترة ولايتها. وقال إن حكومته اضطرت لاتخاذ قرارات مؤلمة لحماية للاقتصاد الباكستاني محملا حالة التأزم الاقتصادي والاضطراب السياسي بسبب سياسات حكومة عمران خان الكارثية السابقة .. من جانبها رفضت مريم نواز نائبة رئيسة حزب الرابطة الاسلامية الحوار مع عمران مؤكدا أن الحكومة لن تحاور من يرغبون في إشعال الفتنة الداخلية، وقالت مريم نواز، إن التضخم تفاقم بسبب الحكومة السابقة، قائلة: "لقد دمر عمران خان كل شيء في 4 سنوات، ويريد الآن أن يحاسب شهباز شريف في غضون 4 أشهر". ومنذ عزل خان وهو يحشد أنصاره في المدن للضغط على الحكومة الحالية لتنظيم انتخابات مبكرة يرى أنها ستعيده للحكم. ويطالب خان بإجراء انتخابات مبكرة في ظل اضطراب سياسي بعد تولي حكومة جديدة مقاليد السلطة وحذر من أن الحكومة تواجه تحديات ضخمة لإنعاش الاقتصاد المتعثر. ومنح خان الحكومة الحالية مهلة 6 أيام لتحديد موعد جديد للانتخابات العامة، وذلك بعد مواجهات بين أنصار عمران خان وقوات الأمن في إسلام أباد. ودخل الاقتصاد الباكستاني مرحلة صعبة وفقا للمؤشرات الحالية، والتي يرى الخبراء الاقتصاديون أنها تشير إلى إمكانية إعلان إفلاس الحكومة في مراحل مقبلة، في حال لم يتم الحصول على دعم خارجي يعطي انتعاشة للاقتصاد المتدهور. واتخذت الحكومة الباكستانية أمس برفع أسعار الوقود للوفاء بشرط رئيس حدده صندوق النقد الدولي.. لإحياء برنامجها للمساعدات الاقتصادية. وقال وزير المالية مفتاح إسماعيل على تويتر إن الحكومة زادت تكلفة البنزين والديزل بواقع 30 روبية (14 سنتا أمريكيا) لكل لتر. ويأتي القرار بعد يوم من إنهاء الجانبين أسبوعًا من المفاوضات دون التوصل لاتفاق لإحياء القرض المتوقف. وسيوفر استئناف برنامج الإنقاذ مساعدات ماسة لإبقاء اقتصاد تلك الدولة الواقعة بجنوب آسيا قائمًا وقادرًا على تجنب العجز عن السداد. وكانت الأسهم قد هوت وتراجعت الروبية الباكستانية بنسبة 9 % في الشهر الماضي، في أسوأ أداء بين عملات دول آسيا. ومنذ عودة الحياة الحزبية إلى باكستان بعد مقتل الجنرال ضياء الحق عام 1988، بقي تولي السلطة التنفيذية متداولًا حصريّا بين الحزبين الكبيرين، حزب الشعب بقيادة عائلة بوتو، وحزب الرابطة الإسلامية بقيادة نواز شريف، ولم يتغير الأمر سوى عام 2018 عندما فاز حزب الإنصاف بالانتخابات لأول مرة في تاريخ باكستان. وحضر البعد العائلي بقوة في مسيرة الأحزاب، حيث تتوارث العائلات قيادة الأحزاب الكبرى؛ خاصةً أن الناخب الباكستاني تقليدي في ولائه السياسي لدرجة ما، وتبقى رمزية العائلة مؤثرة في تماسك الحزب، لذلك تولى شهباز شريف قيادة الرابطة بعد تنحي شقيقه نواز عن قيادتها، وآل حزب الشعب إلى بيلاول الشاب؛ لأنه من عائلة بوتو. وتعاني باكستان الوقت الحالي من نقص حاد في احتياطيات النقد الأجنبي، وهو أكبر انخفاض منذ عام 2019، حيث وصل احتياطي النقد الأجنبي إلى 16.4 مليار دولار أميركي، بسبب زيادة عجز الحساب الجاري والعجز التجاري، وارتفاع مدفوعات الديون الخارجية. وانخفضت احتياطيات البنك المركزي الباكستاني بمقدار 190 مليون دولار إلى 10.308 مليارات دولار. وتعهد خان بقيادة مليوني شخص من أجل الإطاحة بالحكومة التي يزعم أن خصومه شكلوها بمؤامرة تورطت فيها الولاياتالمتحدة، واستجاب بضعة آلاف فقط لدعوة خان لتنظيم مسيرة من أجل المطالبة بإجراء انتخابات جديدة.