لا شك أن توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بنقل التوءم السيامي (مودة ورحمة)، ابنتي المواطن اليمني حذيفة بن عبدالله، إلى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني لإجراء الفحوصات الطبية وإمكانية فصلهما، تمثل لفته كريمة من ملك الإنسانية الذي يولي اهتماماً كبيراً للتوائم السيامية، وهذه المبادرة النبيلة هي امتداد لما تقدمه مملكة العطاء والإنسانية للعالم من خدمات متنوعة تعود بالخير العميم على الإنسانية جمعاء بشهادة المنظمات الأممية للعمل الإغاثي والإنساني والتنموي. في مسيرة فصل التوائم السيامية تشير المعلومات التاريخية إلى أن أول جراحة ناجحة لفصل توءم سيامي ملتصق في منطقة حساسة سجلت باسم الطيبب الأميركي (بن كارسون) عام1987م، الذي نجح مع فريق طبي مكون من 50 شخصاً من خلال عملية استغرقت 22 ساعة في فصل توءم سيامي ملتصقين من الجانب الخلفي من الرأس. وهي تمثل سابقة تاريخية في عالم طب جراحة فصل السيامية التي تميزت خلالها مملكتنا لتصبح أيقونة فصل التوائم السيامية عالمياً كدولة رائدة في هذا المجال بفضل الله ثم وجود الإمكانيات والأجهزة الحديثة والخبرات الطبية المتوفرة بقيادة الطبيب والجراح العالمي د. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، الحائز على العديد من الجوائز والأوسمة العالمية، بعد أن حطم الرقم القياسي في فصل التوائم السيامية، ولا يوجد جراح في العالم تجاوزه في عدد عمليات فصل التوائم. فعلى مدى 30 عاماً قام عرّاب فصل التوائم السيامية الطبيب والجراح العالمي الربيعة بإجراء عمليات فصل التوءم الملتصقين بنجاح باهر رغم صعوبة العملية وحساسيتها، كما قام بالإشراف على أكثر من 106 حالات لتوائم ملتصقين من 21 دولة حول العالم، وقام أيضًا ومعه الفريق الطبي الوطني بإجراء أكثر من 48 عملية ناجحة لفصل توائم سيامية شهدتها مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في مدينة الرياض، أكدت علو كعب المملكة وتميزها بأطبائها المتخصصين، وأجهزتها المتطورة، لتصبح مملكة الإِنسانية رائدة طبيًا وإِنسانيًا في هذا المجال. وأمام هذه المنجزات والأرقام الطبية أتمنى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه إنشاء مركز وطني متكامل لأبحاث طب الجراحة وفصل التوائم السيامية يتشرف بحمل اسم الداعم الأكبر للأعمال الإنسانية الملك سلمان -حفظه الله-، ويهدف هذا المركز إلى ترسيخ نشاط البحث العلمي المتقدم، وتوظيف التقنية الحديثة في مجال طب الجراحة والابتكارات الدوائية، ليكون المركز ركيزة أساسية للتطوير والإبداع في هذا التخصص الدقيق، كما يسهم المركز في دعم الأجيال الجديدة من النابغين والموهوبين، وصقل المواهب الطبية وتطوير القدرات البشرية التي تتمتع بها مملكتنا الحبيبة في قطاع طب جراحة فصل السيامية، لتكون مخرجات هذا المركز الوطني البحثي مواكبة لتحديات العصر ومتغيراته، ودعمه بكفاءات طبية ذات تخصص دقيق في مجال فصل الأطفال السياميين، تأخذ على عاتقها حمل راية وطنهم الغالي وخدمته في أدق تخصص في طب الجراحة، لتبقى مملكة الإِنسانية -كما هي دوماً- مركزًا وشعاعًا عالميًا في خدمة الإِنسان والإِنسانية بما يتماشى مع رؤية المملكة الطموحة 2030 بقيادة مهندسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- التي تستهدف تنمية العمل الإنساني والإغاثي والتطوعي. خالد الدوس