أصبحت المملكةُ العربية السعودية في عهدِ مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله - مرجعاً وبيت خبرة عالمياً في مجال عمليات فصل التوائم والتي تعتبر من العمليات الأكثر تعقيداً وصعوبةً على مستوى العالم، فعلى مدى أكثر من 28 سنة اُجرِيت أكثر من 35 عملية فصل توائم سيامية إضافة الى ثلاث عمليات فصل توائم طفيلية، بنسبة نجاح تصل الى 100% تقريباً ولله الحمد. ففي 31 من ديسمبر عام 1990م، أُجريت أول عملية فصل توأم سعودي سيامي ملتصق في منطقة البطن بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض بإشراف فريق طبي يرأسه الجرَّاح السعودي معالي الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة الأسبق والمشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية حالياً. وبعد نجاح العملية الأولى كانت الثانية من نصيب التوأم السوداني «سماح وهبة «،أما الثالثة فكانت من نصيب التوأم السعودي «سمر وسحر»، بعدها انتقلت عمليات فصل التوائم الى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض، وكان ذلك عند افتتاحها في فبراير عام 2001م. وتعددت جنسيات التوائم التي تم فصلها، فقد شملت كلاً من : مصر والمغرب والعراق وسوريا وعُمان والأردن والجزائر والسودان واليمن إضافةً إلى ماليزيا والفلبين وبولندا والكمرون، ويلاحظ أن الجراحات تمت للمرضى من مختلفِ دول العالم بدون تمييز عربيةٍ كانت أو إسلامية أو غربية وبدون أي مقابل مادي، كما تنوعت أماكن اتصال التوائم ما بين التصاق الرأسين أو البطن أو الصدر أو الحوض مروراً بالتصاق الوركين أو الاشتراك في الكبد وغيرها. وكانت أول عملية فصل توائم تُنقل تلفزيونياً وعلى الهواء مباشرةً للتوأم المصري «تاليا وتالين» وذلك في 4 أكتوبرعام 2003م. وحتى اللحظة تسير المملكة ولله الحمد بخطى واثقة بعد هذه السلسلة من النجاحاتِ في مجالِ عملياتِ فصل التوائم لتبرهن للعالم أجمع على تميزها وتفوقها في هذا النوعِ من العمليات المعقَّدة. وكما جاء في كتاب معالي الدكتور عبدالله الربيعة «تجربتي مع التوائم السيامية» الصادر في عام 2009م، ومعاليه كان له نصيب الأسد -ما شاء الله- كرئيس للفريق الطبي المشرف على عمليات الفصل، بعدد أكثر من 35 عملية فصل، قال : «استطاعت تجاربنا السعودية القليلة في الجراحات السيامية أن تنقل -دبلوماسية الطب- إلى مصاف الدبلوماسيات الفعالة والمؤثرة، وقد شكل لنا -والكلام للمؤلف- ذلك حافزاً لمزيد من الأداء والتواصل مع شعوب العالم، لأن الجراحة الواحدة لم يعد تأثيرها قاصراً على ذوي التوائم، بل امتد الى دولهم التي رأت في هذه المبادرات الإنسانية مفتاحاً للتعاون بينها وبين المملكة في ساحات الاقتصاد والتجارة والثقافة والصناعة وما إلى ذلك» انتهى النقل. حقاً إنه الاستخدام الأمثل لأحدى القوى الناعمة السعودية -وما أكثرها-. حفظ الله بلادنا مملكة الإنسانية من كل شر والمسلمين أجمعين، اللهم أمين.