هل تحدث الانتخابات النيابية الجارية حالياً اختراقاً في الوضع اللبناني المتردي؟ وهل حقاً يمكن أن تؤدي النتائج إلى تغيير في المعادلة المهيمنة على السياسة اللبنانية منذ أكثر من عقد ونيف؟.. الحقيقة أن معطيات الإجابة يمكن استقراؤها في عاملين مؤثرين، وهما المقاطعة السنية للانتخابات، ونهج الترهيب الذي يمارسه «حزب الله» ضد من يفكر بالخروج على خطوطه الحمراء التي يرسمها ومسيروه في إيران. أما المقاطعة السنية فقد بانت مفاعيلها مبدئياً في طبيعة وحجم اقتراع اللبنانيين المغتربين، حيث شهدت إقبالاً أعلى في إيران وفي مناطق النفوذ الإيراني، وإحجاماً ملحوظاً من قبل اللبنانيين المناهضين لنفوذ «حزب الولي الفقيه»، ومن شأن هذا أن يعزز فرص نواب السنة الموالين للقوى الشيعية، وما يترتب على ذلك من استكمال هيمنة «حزب الله» على الواقع السياسي في لبنان، وإحكام سيطرته على لبنان. ومن جانب آخر، يلجأ «حزب الله» لأسلوبه المعتاد في ترهيب المعارضين، واستفزاز العصب المذهبي للناخبين لمنع أي محاولة لشق طريق جديد للبنان بعيداً عن نفوذ طهران، وطريقها المؤدي للهاوية، كما ويلجأ الحزب للمحسوبيات وتملق دوائر نفوذه بالهبات والرشى الانتخابية، مستغلاً تحكمه بالعصب الاقتصادي للدولة، فضلاً عن مصادر دخله المشبوهة الأخرى ناهيك عن دعم إيران. في ظل هذه المعطيات يعدّ السؤال عن تأثير الانتخابات النيابية في لبنان، خارجاً عن السياق، وخللاً في قراءة الواقع اللبناني، فالحقيقة أن لبنان دخل منذ اغتيال رفيق الحريري طريقاً منحدراً، وصل الآن إلى قاعه، تحت حكم حزب إيراني عميل، وبعيداً عن ما ارتكبته أطراف لبنانية من أخطاء، وما أجرته من حسابات خاطئة، فإن الحقيقة الماثلة أن الظل الإيراني مرشح للتمدد فوق لبنان، وأن أحلام المؤمنين بسيادة لبنان وعروبته، مؤجلة إلى زمن آخر.