قال سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية أن لا علاقة بتعطيل انتخابات الرئاسية في لبنان بالوضع المتأزم في سورية، مشيراً إلى أن استحقاق الانتخاب معطل لأنه هناك أحد الأطراف المسيحيين يريد الرئاسة له فقط لا غير، ويصطف من ورائه "حزب الله" الذي يتجاوب مع رغبات إيران. وأضاف ل"الرياض" لو وجد من يدفع ثمن إقليمي للرئاسة اللبنانيةلإيران، لكان ضغط على "حزب الله" الذي سيضغط على "عون" لتجرى انتخابات رئاسية في لبنان، معتبراً أن الثمن إما في العراق أو سوريا. لافتاً في الوقت نفسه أن "الطرف المسيحي" في الانتخابات هو من يسير حزب الله وليس العكس. فإلى نص الحوار: * بين زيارة تشرين وكانون ما الذي اختلف في الأجندة، وهل تغيرت الأولويات؟ - ما زلنا في ذات الأولويات، وهي انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، ولكن بالرغم من كل الجهود التي يقوم بها 14 آذار لم نتوصل حتى اللحظة إلى تأمين رئيس للجمهورية، نظراً للمقاطعة التي تقوم بها بعض الكتل النيابية ومازلنا نسعى لمحاولة التوصل إلى إجراء هذه الانتخابات، لكن ما أقوله على هذا الصعيد أن لا أحد يستطع أن يعطل هذا المنصب إلى مالا نهاية، يستطيعون تعطيل شهر أو شهرين..الخ، لكن لا أحد يستطع إيقاف مسيرة التاريخ في لبنان. ما زلت انتظر «إشارات إيجابية» من عون لعقد اجتماع ثنائي معه * إلى ماذا ترمون عندما قلتم أن منصب الرئاسة بدأ يتآكل؟ - أن ندفع بالذين يقاطعون إلى عدم المقاطعة والنزول إلى المجلس النيابي، والانخراط في العملية النيابية والانتخابية، كما يجب. * نعرف أن المنصب الرئاسي هو منصب للطائفة المسيحية، هل يمكن أن يكون هذا التآكل هو جزء من تآكل حقوق الطائفة المسيحية السياسية في المدى البعيد؟ - كان من الممكن أن نذهب لهذا الافتراض، لو لم يكن في طليعة المقاطعين فريق مسيحي، ولكن للأسف هذا ما يحدث، لذا نفترض أن هذا التآكل يجري انطلاقاً من قلة دراية وقراءة غير صحيحة وغير دقيقة، وانطلاقاً من تصور غير سليم لواقع الرئاسة أو للبنان ككل. * قلتم قبل قليل في حديثكم للجالية اللبنانية أن الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق رئاسي محض، وأن ترك هذا الموضوع فتح أبواب القوى الإقليمية والدولية للتدخل. ألا ترون أن من يقوم بهذا الموضوع يضع نفسه في دائرة شبه كبيرة، هل لبنان لم يكن ينقصه إلا الاستحقاق الرئاسي أم أن الوضع السياسي في الأساس بشكل كامل مسير من الخارج، ودعني أستعير جملة السيد نبيه بريّ بأن التوافق في لبنان مرهون ب"س . س" في إِشارة إلى السعودية وسورية في وقت * مضى، بمعنى أن "أقلمة" الوضع في لبنان هو مسألة حياة بالنسبة للسياسة في بلدكم؟ - لا أوافق على هذه النظرية كلياً، مع أنه صحيح ففي السنوات الأخيرة كان جزء من القضايا اللبنانية يتعلق من خلال أحد الفرقاء اللبنانين في السياسات اللبنانية، كلنا يعرف ارتباط "حزب الله" بإيران، وبالتالي ما يستطعه هذا الحزب يفعله خدمة لمصالح أخرى، وفي المقابل كان هناك كثير من السياسات اللبنانية التي تخطت المصالح الإقليمية على سبيل المثال لا الحصر، قضية ميشال سماحة الذي كان يخطط لعمليات تفجير في الداخل اللبناني لو كانت السياسة الإقليمية تمكنت كلياً من لبنان لما كان ما حدث. لقد كانت متمكنة بين الأعوام بين 1990 و2005 إبان عهد الوصاية السورية، بعد 2005 بدأ التحرير الفعلي بمعنى يأتي رؤساء وزارات، ووزراء لا يلبون بالضرورة رغبات بعض القوى الإقليمية مثل سورية وإيران، ولكن يبقى أن هناك "حزب الله" الذي يتجاوب مع رغبات إيران، وبالتأثير الذي له على السياسة اللبنانية يدفعها باتجاه آخر، ولكن هذا لا يعني أن الوضعية السياسية اللبنانية بأكملها أصبحت وضعية إقليمية. * هل الموقف في لبنان مرهون بالوضع في سورية، ما هي نسبة ارتهان الموقف في بيروت بما يجري في دمشق؟ - أستطيع أن أتكلم عن رئاسة الجمهورية. الحقيقة أن لا علاقة بتعطيل انتخابات الرئاسة في لبنان بالوضع في سورية، فالانتخابات معطلة في الوقت الحاضر لأنه هناك أحد الأطراف المسيحيين يريد الرئاسة له فقط لا غير، ويصطف من ورائه "حزب الله" الذي ليس له مصلحة مباشرة في إجراء انتخاب الرئاسة، ولكنه لم يكن ليتمكن من مقاطعة هذا الاستحقاق لوحده، فإذن تتداخل عدة عناصر، ولكن عندما ينتظم العنصر اللبناني المحلي، لم يعد بإمكان القوى الإقليمية وبالأخص من طرف "حزب الله" أن تؤثر في السياسة الداخلية اللبنانية. * هل منصب الرئاسة في لبنان كمنصب مسيحي يتعلق بتوافق سني – شيعي إقليمي أو محلي أو يتعلق بتوافق مسيحي – مسيحي؟ - يتعلق بالدرجة الأولى بحسن تطبيق قواعد اللعبة السياسية في لبنان لدينا مرحلة شهرين بين 25 آذار و 25 أيار كان باستطاعة الفرقاء اللبنانيون من دون مؤثرات خارجية .. إلا الذي يريد أن يكون عليهم تأثير خارجي وهم موجودون، ولا أتحدث عن أكثرية النواب بأن تنزل إلى المجلس النيابي وتنتخب رئيس. ما حدث هذه المرة أن هناك فريق مسيحي يريد الرئاسة لنفسه فقط لا غير، لذلك لم يشأ أن يذهب إلى معركة انتخابية حقّة وفعلية غير محددة النتائج سلفاً، وبالتالي قاطع ومن قاطع معه هو "حزب الله" ولماذا قاطعوا ؟ أولاً ليكسب ود هذا الفريق أكثر وأكثر، ثانياً كلما تعطلت انتخابات الرئاسة كان بإستطاعته أن يفاوض عليها، ومن ورائه أعني إيران تفاوض عليها بأثمان أكثر وأكثر، بتقديري لو وجد من يدفع ثمن إقليمي للرئاسة اللبنانيةلإيران، لكان ضغط على "حزب الله" الذي سيضغط على "عون" لتجرى انتخابات رئاسية في لبنان، ولكن لو لم يعطل عون لما كان لإيران أن تستفيد من هذه الورطة في لعبتها الإقليمية. * دعنا نفترض الثمن؟ - في سورية أو العراق. * دعني أحيلك إلى ما دار مؤخراً في مؤتمر دولي المنامة، قيل فيه أن الوضع في العراق مرهون بتوافق سعودي - إيراني؟ - لا أعتقد. لو لم تكن هناك ممارسات خاطئة في العراق لما انفجر الوضع هناك، ولكن بما أنه هناك هذه الممارسات انفجر الوضع.. كان اللجوء لمن يؤثر على هذا الفريق أو ذاك أقصر الطرق للتفاهم على الوضعية العراقية، لكن لو أن الفرقاء في العراق تفاهموا كما يقوموا بذلك الآن كما أتأمل.. لم يكن مطروحاً أن تأتي السعودية وإيران ليتفاهموا حول الوضع في العراق. لو خاض المالكي سياسات حكيمة واستطاع التفاهم مع المكون السني في العراق، لم يكن لينفجر الوضع هناك، ولم نكن بحاجة لتفاهم سعودي - إيراني للملمة الوضع. * تعني أن إيران تريد تعويض خسارتها العراقبلبنان؟ - (مقاطعاً) "أي متى" يتدخل العنصر الإقليمي أو الدولي، عندما تفشل العناصر المحلية، لو لم تفشل في العراق لما كان هناك لزوم لتفاهم سعودي - إيراني، ولو لم تفشل بعض العناصر المحلية اللبنانية في انتخاب رئيس جمهورية لما كان حاجة لوساطة فرنسية أو سعودية أو روسية أو إيرانية أو ما شابه.. دائماً عندما نفشل في الداخل فنحن نستدعي تدخل ما في الخارج وهذا ما يدعونا إلى المطالبة بالإسراع في انتخاب رئيس جمهورية. * إلى أي مدى ترون أن إيران ربما تلعب بورقة لبنان لتعويض خسارتها في العراق؟ - لا تستطيع التمادي كثيراً في لبنان، بخلاف ما يعتقده الآخرون، وأكبر دليل أن لبنان بدون رئيس جمهورية، ولا أجد أن هناك أكثرية مثلاً تريد إعطاء إيران "رئيساً".. لتعويض خسارتها. * لنعكس الأمر إذن، ونقول أن الطرف المسيحي الآخر هو من يسير قرار "حزب الله"؟ - نعم هذا صحيح بما يتعلق بانتخاب رئاسة الجمهورية. وبخلاف ما يعتقده البعض فهو يوفر ل"حزب الله"، ومن ورائه إيران فرصة للاستفادة من تعطيل انتخابات الرئاسة، ولكن لو لم يكن الطرف المسيحي في 8 آذار يعطل.. لم يكن بإمكان "حزب الله" أن يعطل هذه الانتخابات. * هذا يقودني إلى سؤال حول لقاء يتم الإعداد له بين الدكتور سمير جعجع و العماد عون؟ - ممكن. * لأي مدى؟ - .. لتجاوز هذه المعضلة، ومن خلال.. بالأخص على التفاهم على مرشح ثالث، ولكن انتظر بعض الإشارات الايجابية من العماد عون للاجتماع معه فيما بعد، ومحاولة إحداث تطور ما في الملف الرئاسي. * كان لديكم لقاء بصاحب السمو الملكي الأمير مقرن ولي ولي العهد، هل من علاقة بإستحقاق الرئاسة بهذه الزيارة؟ - لا علاقة لهذه الزيارة مباشرة بالحدث الذي نعيشه الآن، وحتى لو لم يكن فهذه أراه فرصة لتناقش حول الأوضاع في المنطقة، وبالأخص في لبنان من نواحي الأمنية أو الإستراتيجية والعسكرية وبما يتعلق بالمؤسسات الدستورية لأن الأخوة في المملكة يهمهم استقرار لبنان، وهذا لا يتم إلا من خلال مؤسساته الدستورية. * هناك جولة يقوم بها المبعوث الفرنسي السيد جان فرنسوا جيرو إلى طهران، هل لديه زيارة للمملكة؟ - لا، ليست المملكة من يعطل الانتخابات بل الفريق المحسوب على إيران لذلك جيرو يروح ذهاباً وإياباً لأن إيران من يعطل. * إيران تعطل بإيعاز لبناني؟ - بل بتسهيل لبناني. * ماهي صفتكم التي تحملونها في زيارتكم إلى السفارة اللبنانية لتلتقوا بالجالية هنا؟ - رئيس حزب لبناني، لديه تمثيل كتلة نيابية من ثمانية نواب، ولديه حضور سياسي، وتأثير في المشهد اللبناني، وبالتالي هي صفة كما في كل الدول الديموقراطية. * هل يفهم أن لقائكم بالجالية اللبنانية يمكن أن يكون جزءا من دعم موقفكم الانتخابي؟ - لا، لأن الانتخابات تتم في مجلس النواب. * أعرف، لكن القاعدة الشعبية مهمة؟ - بالطبع القاعدة الشعبية مهمة في هذه الظروف وغيرها، لذا في كل الأحوال منذ عدة سنوات عندما أمر في أي دولة أحرص على لقاء الجالية اللبنانية فهم ثروتنا الحقيقية وينبغي التفاعل مع الجمهور خلال الانتخابات وخارجها.