صدر يوم الخميس الماضي الأمر الملكي الكريم بإنشاء هيئة لتطوير الطائف، سيتولى مسؤولية إدارة شؤونها، مجلس إدارة يعين رئيسه وأعضاؤه بأمر من رئيس مجلس الوزراء، ومما يبدو في نص الأمر الكريم أنه لم يشر إلى النطاق الإشرافي للهيئة هل هو على مستوى المدينة أم المحافظة، حيث أحال هذا الأمر ليكون ضمن التنظيم الإداري للهيئة الذي كلفت هيئة الخبراء في مجلس الوزراء لإنجازه خلال ثلاثة أشهر بحد أقصى. هيئات التطوير تهدف إلى التخطيط والتطوير الشامل للحيز المكاني الذي يقع ضمن نطاقها الإشرافي في كافة مجالات التنمية، وإلى توفير احتياجاته من الخدمات والمرافق العامة، كما أن لها الدور الأساسي في توحيد ومواءمة القرارات التنموية بين الجهات المعنية، بهدف تعظيم الفائدة من مخرجات الاقتصاد المحلي وتحقيق الاستغلال الأمثل للإمكانات والموارد، لكن لماذا تحتاج الطائف إلى هيئة للتطوير، ولماذا الآن؟ الإجابة عن ذلك وفق ما توضحه الدراسات التحليلية المتخصصة عن الطائف يتمحور حول ثلاثة أبعاد: الأول منها هو البعد المتعلق بالتنمية المكانية للطائف التي يبلغ حالياً عدد سكان المدينة فقط، دون المحافظة أكثر من مليون نسمة، وتشهد في ذات الوقت معدل نمو سكاني يزيد على متوسط النمو السكاني العام للمملكة، حيث يبلغ هذا المعدل (3 %) سنوياً، مما يضعها في الترتيب السادس بين أكبر المدن في المملكة، وبخلاف عامل النمو السكاني، يمثل محور التنمية الرابط ما بين جدة، ومكة المكرمة، والطائف، أحد أقوى محاور التنمية في المملكة، حيث يستوعب سبعة ملايين نسمة، يمثلون نسبة (22 %) من سكان المملكة، ويساهم بنسبة (20 %) من إجمالي الناتج المحلي، وبموجب معدلات النمو الحالية، سوف يرتفع عدد سكان هذا المحور إلى أكثر من عشرة ملايين نسمة خلال العشرين السنة القادمة، مما يستلزم وجود جهاز متمكن يضع رؤية وخطة استراتيجية للتنمية الشاملة لمحافظة الطائف، البعد الثاني هو البعد المؤسسي والتشريعي، فالمملكة في سعيها لتحقيق التنمية المستدامة لمدنها، دأبت على تطوير استراتيجيات وسياسات وبرامج التنمية العمرانية في كافة المستويات التخطيطية الوطنية والإقليمية والمحلية، كان من نتاجها إعداد استراتيجية عمرانية وطنية، واستراتيجيات تنمية إقليمية، ومخططات هيكلية، تشمل كافة القطاعات، لكن ما زالت نقطة الضعف الرئيسة، والتحدي الأكبر للمدن في المملكة قائم، وهو ضعف التكامل (الأفقي) بين قطاعات التنمية، و(الرأسي) بين مستويات التخطيط. الناتج عن انخفاض مستوى التنسيق بين المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، الأمر الذي يحتم وجود هيئة للتطوير تعالج القصور في هذا التكامل، أما البعد الثالث فهو البعد التمويلي والحاجة الماسة لوجود الجهاز المؤسسي القادر على ابتكار وإيجاد الحلول التمويلية غير التقليدية التي تمكن من تحقيق التنمية الكامنة والواعدة في محافظة الطائف.