لا يخفى على أحد معدل الارتفاع المتواصل في أسعار الوحدات السكنية بالمملكة خلال السنوات القليلة الماضية، الذي ربما تجاوزت نسبته الثلاثين في المائة على أقل تقدير، وهو الارتفاع الذي - ربما - أسعد قاطني (2.4) مليون وحدة سكنية من الأسر السعودية التي تعود ملكية هذه الوحدات لهم، بسبب ما يشاهدونه من نمو في قيمة أصولهم العقارية، لكنه بالتأكيد، هو مصدر قلق وعدم تفاؤل لأكثر من (1.3) مليون أسرة سعودية، تقيم في وحدات سكنية مستأجرة، يتطلع معظمها لامتلاك مسكن في المدى المنظور هذا الارتفاع المطرد في أسعار الوحدات السكنية، ليس مبرره الأول والأساسي، هو الزيادة في أجور الأيدي العاملة بقطاع المقاولات، أو في قيمة مواد البناء، أو أتعاب خدمات الاستشارات والإشراف الهندسي - وإن كان لها إسهامها الذي له اعتباره في هذا الأمر - إلا أن العامل الأهم والأكبر هو الارتفاع المستمر في قيمة الأراضي السكنية تحديداً. في المقابل لا يخفى أيضاً أن قضايا الإسكان ومشاكله هي من القواسم المشتركة بين المجتمعات حول العالم، وبالتالي ما يجري تبني تطبيقه من سياسات لمعالجة هذه القضايا هي مما يمكن أيضاً أن نتقاسم مع هذه المجتمعات الاستفادة منه بتوطين أسسه ومبادئه. من بين تلك السياسات ما جرى اتباعه في العاصمة الأسترالية (كانبيرا) منذ ما يزيد على عقد من السنوات، بتوفير بديل للأسر الأسترالية التي لا تمتلك سكناً من أن تقيم مسكنها بشكل دائم على قطعة أرض سكنية حكومية معدة لذلك، مقابل دفع قيمة إيجار سنوية تعادل (2 %) فقط من القيمة السوقية للأرض، إلا أنه في حال الرغبة ببيع الوحدة السكنية لمالك جديد يتم دفع قيمة الأرض السكنية الحكومية المقام عليها هذا المسكن عند البيع. هذا البديل الميسر للتملك أتاح للأسر الأسترالية التي استفادت منه خفض تكاليف المسكن الذي تتملكه بنحو (50 %) من قيمته، ورفع في ذات الوقت من قيمة تلك الأصول العقارية للحكومة الأسترالية على مدى العشر سنوات الماضية. في تقديري أن تبني مثل هذه السياسة كبديل في قطاع الإسكان لدينا لا تقتصر فائدته على خفض تملك المسكن بنصف قيمته للمواطنين، وإنما كذلك في امتصاص والحد من موجات المضاربة العقارية على الأراضي السكنية، وربما في حفز وتشجيع القطاع الخاص لتبني ذات السياسة على أراضيهم، واحتمال أيضاً أن نكتشف فيما بعد عدم الحاجة للاستمرار في سياسة تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء.