حقيقة لا شك فيها أن مشكلات العالم الإسلامي قد وصلت إلى منعطف حاسم، وأصبحت آثارها تتخطى الحدود الوطنية لكل دوله، لذلك تعمل المملكة العربية السعودية، وبوصفها أرض الحرمين الشريفين، وزعيمة الدول الإسلامية، على مواكبة روح العصر وتمثّل مزايا الاعتدال، كمكافحة التطرف والإرهاب وإحداث الإصلاحات السياسية والتطور الاجتماعي والتنويع الاقتصادي، حتى أصبحت هذه الأمور جزءاً من الخطاب العام والرسمي للمملكة. وانطلاقاً من المبادئ السعودية الثابتة تجاه دعم الدول الإسلامية ونجدتها، نؤكد أن توطيد العلاقات السعودية - التركية على الصّعد كافة لن يعود بالفائدة على الجانبين وحسب، بل سيساهم في الجهود المبذولة لنشر السلم وتحقيق التقدم والازدهار في ربوع العالم الإسلامي برمّته، وأيضاً ستعرف المنطقة مستقبلاً - وعلى المدى القريب - الهدوء والتوافق في ملفات عدة، ومن المرتقب أن تتطور العلاقات بين الجانبين في اتجاه أكثر شمولاً. لذلك تعي تركيا تماماً أهمية ومحورية الدور السعودي إقليمياً ودولياً، وأن ملفات عديدة في الشرق الأوسط لا يمكن غلقها ولا حلّها جزئياً إلا إذا أدلت المملكة فيها بدلوها، وحتى إحداث تقارب مع أطراف أخرى، مهما كانت مهمة، لن تكون لها أي نجاعة إلا في ظل دور سعودي مصاحب. فتقريب وجهات النظر التركية في ملفات عديدة مع المملكة، وتقوية العلاقات وتحويلها إلى ذات طبيعة استراتيجية، يضمن لتركيا أدواراً محورية في الشرق الأوسط، وأن حصول أي تطور في العلاقات السعودية - التركية سينمي أيضاً حضوراً قوياً لاستثمارات البلدين، ويُسهل لا ريب في حلّ الكثير من الملفات الإقليمية، ومحاصرة ظاهرة تمدد التيارات الإرهابية والميليشيات العابرة للحدود. ومن هذا المنطلق، فإن كلاً من المملكة وتركيا طرفان مهمان إقليمياً ودولياً، والمحك الحقيقي لعلاقاتهما يكمن في الاتفاق حول مستقبل منطقة تزخر بالتحديات، والمساهمة في مؤازرة قضايا العالم الإسلامي، خصوصاً في عالم متغيّر يتسم بتحوّلات كثيرة تفرضها طبيعة الصراعات الدولية وما تفرزها من معطيات جديدة.