عند القراءة السيميائية للنص البصري المسمى "معاناة" للفنانة هند عوض القرني الذي استخدمت فيه ألوان الأكريلك على قماش الكانفس نلحظ بداية رموزاً عدة تتمثل في (العين، الأيدي، الشعر، اختفاء معالم الوجه، الألوان ودلالاتها) وغيرها من الرموز؛ الأمر الذي يجعلنا نرسم الكثير من علامات الاستفهام؛ مثل: لماذا طمست الفنانة الوجه ولم يتبق إلا أثر عين واحدة فقط يخرج منها اللون الأزرق الذي ربما يدل على برودة العطاء من جهة، وعلى تحقيق الوحدة Unity في العمل من جهة أخرى، وتحديد مسار للعين تجاه عنصر "السيادة" المتمثل في هذه العين الحزينة التي تكبر في وسط حضن ذراع لذات المرأة لتحول دون سقوطها، هذه العين نجدها قد تحركت من مكانها الرئيس إلى الأسفل في دلالة إلى السقوط الذي حال دونه احتواء اليد اليسرى لها بكل حنان وحب والاهتمام والعناية بها حتى أصبحت أكبر حجماً مما هي عليه في الواقع، وعلى الرغم من ذلك نلحظ أن ذات العين تروم العودة إلى مكانها الطبيعي من خلال نظراتها إلى الأعلى باتجاه الوجه الذي ينظر إليها في حسرة وشوق معاً. وتستطيل علامات الاستفهام لترسم سؤالاً آخر مفاده، لماذا هذا الشعر الغجري يحلق في الفضاء "منتشياً" رغم حزنه؟ أما الألوان التي استخدمتها الفنانة في لوحتها المسندية فنلحظ أن اللون "الأسود" هو اللون المسيطر على اللوحة، ودرجات الرصاصي، إضافة إلى اللونين الأزرق في العينين، والأحمر الذي وضعته تجاه القلب في دلالة رمزية لونية تعكس حجم المعاناة، بينما نلحظ الأيادي الممتدة التي تعطي بدون حدود بدليل خروجها عن إطار اللوحة ليستمر العطاء رغم المعاناة. والمتابع لتجربة التشكيلية هند يلحظ أنها مازالت تجرب الخامة والتقنية اللونية والأدائية للوصول إلى أسلوب يميزها ويؤكد هويتها الأمر الذي يبشر بقدوم تشكيلية متمكنة من أدواتها بقوة إلى الساحة الفنية. بقي أن نعرج على سيرة الفنانة هند فهي حاصلة على دبلوم في الفن التشكيلي، وعضوة في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية "جسفت" بعسير، وعضوة بلاتينية في نادي عناقيد، ومشرفة الفن التشكيلي لنادي عناقيد بمحافظة سبت العلايه، ولها مشاركات في معارض وورش ومناسبات تشكيلية عدة؛ آخرها: معرض حواء لعضوات جسفت عسير بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ومعرض ريشة طيف الذي كان نتاج ورشة تشكيلية أقامتها جسفت عسير لأطفال اضطراب التوحد. * مدير الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعسير د. علي مرزوق*