أنت مزيج من الانفعالات، وخليط من المشاعر، ومجموع من التفاعلات.. عندما يسكن العقل، ويستقر الوعي سندرك الحقيقة التي لم نستطع إدراكها بالحواس العادية، ولم نستطع معرفتها بالتماس الشعور. مؤكد أن الصمت هو منبع التدبير العقلي الصافي، لكن تدوير الذهن في ضجيج مستقبلات حسية وقولية فوضوية، قد يقوم بتشويه ما غطاه الصمت. وهنا نحن قد نرتبك فهذ الصخب الذهني يعطل الصمت الناتج عن التأمل والتفكر، وتتأمل وتشعر أنك تتراجع عن وعيك.. بعض الصمت الناجع هو ما يبدأ بصمت الجوارح، وسكوت اللسان حينها نبقى طبيعيين، وبعض الصخب النافع هو صخب الوعي والحواس. لننطلق في بعض العاطفة، ونتوقف على ضفاف تأمل.. الجميع يرفض الكره، لكننا يوميا نحب ونكره، والعملية لدى الواعي، لا تتوقف عند نكران طرف، وتقبل آخر، نتنقل بين نقيضين في الحياة، وإن كنا في كل مرة، ننجر إلى قطب ونرفض آخر، فعملية التحول الذاتي تبقى قريبة بعيدة، وهذا التحول هو ما يجعلك تدرك أنك الشاهد الثابت، والأحداث مستمرة في التقلب.. ببساطة كن حقيقيا في تلك اللحظة، أحبب أو اكره، كلها تقاطعات في مسالك الوعي.. وعندما يخبرك صمتك بنهاية هذه اللحظات، عد إلى اندماجك بالعالم من حولك بصمت فأنت عدت ليس كما كنت، عدت بإدراك جديد، ستختبره هنا.. هكذا رحلة الذهن، مسيرة الوعي وهكذا هي الرحلة، متجددة دائما. للصمت مقامات ما بين وعي وإدراك، وتأمل وتفكر، وسبب ونتيجة، فكلما ذابت فكرة، برز مقام الإدراك ليوجهنا نحو الفهم.. فعقل أحدنا لن يتوقف عن تجاذباته متغير من متحرك إلى ساكن، من زحام إلى عزلة، من نور إلى خفوت، وثق أنك ستفرق بين برودة صمتك وسخونة صوتك. الحياة لا صوت لها إلا من خلالنا، ولا صدى لها إلا عبرنا لكنها صامتة ليس كما يدعي البعض أنها صاخبة بل أنت الذي تصخب في داخلك ولا تتوقف عن إظهار ما تحتاجه من تجارب حتى ينضج لكي لا تتخلف فإن الواهم وعيه يتراجع بشدة ولنتذكر أن التأمل لغة التدبر، وصوت الإحساس ونحن نعيش في حالة نشاط، وطاقة من التبدل.. والصمت قانون الوعي، ونظام الإدراك. ويبقى القول: حتى أوهامك المزعجة هي ظنون خرساء تنشب في مساحة وعيك المتردد، وإدراكك المهزوم.. هذه حياتك وحولك حياة وبجانبك حيوات لكن لك دروب خاصة، ومسيرة تقطعها بقلبك وعقلك على راحلة صمتك، وزاد تأملك، وميرة تدبيرك.. رحلتك الخاصة بك فيها.. أحداثها التي كتبت لك وحدك دون غيرك.. فعليك أن تقرأها بوعيك، وترددها بانتباهك، وتترنم بمنفعتها من خلال صمتك الصاخب، وصخبك الصامت.