ولي العهد رسخ قواعد الشراكة الأزلية عندما أكد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال الاتصال الهاتفي، الذي أجراه أمس، مع محمد شهباز شريف رئيس وزراء باكستان، حرص القيادة في المملكة على دعم باكستان في المجالات كافة، وهنأه بتوليه رئاسة الوزراء متمنياً له التوفيق في مهام عمله لتحقيق تطلعات الشعب الباكستاني، فإن الأمير محمد بن سلمان رسخ قواعد الشراكة الأزلية بين الرياض وإسلام أباد، وجسد الجذور الضاربة لهذه العلاقات والتي تعود لعقود مضت، وأضحت اليوم مثالاً يحتذى به في العلاقات حتى ارتقت إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية». وارتكزت العلاقات السعودية الباكستانية على قاعدة متينة جوهرها وحدة العقيدة والإخاء والقيم الإسلامية، وما يشكلانه البلدان من ثقل على مختلف الصعد إسلامياً وإقليمياً ودولياً. الرياض وإسلام أباد.. تعزيز قيم التسامح وتبني منهج الاعتدال وتتصف على المستويين الشعبي ب»الحب والتقارب والاحترام المتبادل»، والسياسي ب»التفاهم وتكامل الأدوار»، تعزيزاً لمسيرة العمل الإسلامي المشترك، والتأثير على العالم وإقناع المجتمع الدولي بصوابية وعدالة قضايا الأمة الإسلامية. تعظيم مسيرة العمل الإسلامي وإيجاد حلول لقضايا الأمة وعندما عبر رئيس وزراء باكستان عن الشكر والتقدير لسمو ولي العهد لما أبداه من مشاعر أخوية طيبة، فإن ذلك عكس مشاعر أكثر من 200 مليون مسلم تجاه المملكة، التي لها مكانة خاصة في قلوب الشعب الباكستاني، وتحظى باحترام وتقدير كبيرين في جميع الأوساط السياسة الرسمية والحزبية والإسلامية والشعبية، انطلاقاً من الروابط الإسلامية والمصالح المشتركة. وجسد الاتصال الهاتفي أيضاً عمق العلاقات التي تعود إلى أبريل 1940م، أي قبل سبع سنوات من استقلال باكستان عن التاج البريطاني، لتتجه بعد استقلالها 1947م نحو آفاق جديدة من التعاون والصداقة، وتكون الحليف الاستراتيجي للمملكة التي بدورها كانت من أولى الدول التي اعترفت بسيادة باكستان وحدودها على خريطة العالم. التأثير على العالم وإقناعه بعدالة قضايا العالم الإسلامي وكان رئيس الوزراء الباكستاني، في خطابه الأول في البرلمان بعد فوزه بمنصب رئيس الوزراء في البرلمان تحدث بحميمية بالغة، عن العلاقات السعودية الباكستانية مبدياً حرصه الشديد على إعادتها لسابق عهدها. كما أكد شهباز شريف في معرض رده على تهنئة القيادة بتوليه منصب رئيس الوزراء أن العلاقات الباكستانية - السعودية تعتبر استراتيجية وتتميز بثقة استثنائية، مضيفاً أنه «مصمم على العمل بشكل وثيق لتحقيق رؤيتنا المشتركة للشراكة الاستراتيجية». مكافحة الإرهاب وتقوية صورة الإسلام في الغرب وحرصت قيادات البلدين على الدوام لأكثر من سبعة عقود على تعزيز علاقات البلدين، يؤطرها التزام الطرفين باعتدال نهجهما السياسي المتسامح، وانفتاحهما على العالم، والتنسيق بين سياساتهما، وتعاونهما في المحافل الدولية، وتعزيز العمل الإسلامي المشترك، الأمر الذي شكل بعداً فاعلاً في تنامي وتيرة العلاقات الثنائية بينهما في مختلف الصعد، وارتقت لمستوى «الشراكة الاستراتجية» وتعزيز علاقاتهما على جميع الصعد السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين والأمة الإسلامية. ولشراكة السعودية - الباكستانية أدوار فاعلة في حل القضايا التي تواجهها الأمة الإسلامية على مستوى العالم، كونهما عضوين مؤسسين لمنظمة التعاون الإسلامي، إلى جانب مساعيهما من أجل السلام والأمن الإقليمي والعالمي، ملتزمين بمواصلة مكافحة التطرف والإرهاب، ودعمهما المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته حيال تضافر الجهود الدولية كافة لمحاربته. ومن المؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد حراكاً إيجابياً لتعزيز الشراكة والسعي لإيجاد حلول لقضايا الأمة خصوصاً أن القيادتين في البلدين حريصتان على الاستفادة من جميع القنوات المتاحة لتعزيز التجارة الثنائية والاستثمار وتشجيع التواصل بين الشعبين ورجال الأعمال، في إطار مجلس التنسيق السعودي - الباكستاني لمأسسة العلاقات وتطويرها، إلى جانب دعم التعاون العسكري والأمني، فضلاً عن استثمار الفرص التي وفرتها رؤية المملكة 2030 في تعزيز التعاون مع باكستان في مختلف المجالات لا سيما الاقتصادية والسياحية والتجارية، وتشكيل تحالفات استثمارية وفق الرؤية 2030، والمشاركة في تطوير البنية الاقتصادية في المشروعات العملاقة، وإمكانات عودة الاستثمارات السعودية في مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC) إسهاماً في التنمية والازدهار في المنطقة. وأكدت مصادر باكستانية موثوقة أن رئيس الوزراء يعكف لإعداد خارطة طريق استراتيجية وفق رؤية المملكة 2030 لتعزيز الشراكة في المرحلة المقبلة وفق آليات واضحة ومحددة، وإحداث نقلة نوعية في الشراكة والتناغم مع التفكير السياسي السعودي الناضج، والتماهي مع منهج الإسلام الوسطي وتكريس قيم التسامح والتعايش السلمي الذي تنتهجه المملكة، وتوفير الفرص والممكنات للبلدين للدخول في شراكات وتحالفات استثمارية في إطار مبادرات الرؤية. وترجم البلدان هذه العلاقة الاستراتيجية بتبادل كبير في الزيارات مستقبلاً ليعود مردودها على تعزيز هذه العلاقات من جهة، وتحقيق المصالح المشتركة التي تعود بالخير على المنطقة من جهة أخرى، وتأكيداً على الرغبة المشتركة لدى قيادتي البلدين في توطيد كل أوجه العلاقة على الصعيد الثنائي وتنميتها بما يعزز المصالح المشتركة ويلبي تطلعات الشعبين الشقيقين والتشاور والتنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي لما يؤدي إلى خدمة البلدين وتعزيز دورهما في الحفاظ على الأمن والسلم ودعم التنمية إقليميًا ودوليًا، وعلى وجه الخصوص خدمة القضايا والمصالح الإسلامية وتعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي. وعلمت «الرياض» أن رئيس الوزراء شهباز سيقوم بزيارة قريباً بعد أن تلقى دعوة من سمو ولي العهد خلال الاتصال الهاتفي وفق ما ورد في بيان وزارة الخارجية الباكستانية أمس. وأكدت المصادر أن الزيارة المرتقبة ستعمل على تدشين عهد جديد من الشراكة وتعزيز التضامن الإسلامي. وبحسب المصادر نفسها فإن مجلس التنسيق السعودي - الباكستاني سيشهد أيضاً انطلاقة جديدة في مسيرته لمأسسة العلاقات السعودية - الباكستانية، وتأطيرها، ونقلها إلى آفاق أرحب في جميع المجالات، وإدخال المبادرات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والأمنية والعسكرية في إطار التعاون التكاملي الاستراتيجي، بما ينسجم مع تطلع البلدين إلى بناء شراكة استراتيجية طويلة الأمد.