بدأت العديد من المنظمات تدرك مدى أهمية العلاقات العامة، وبأنها تمثل الشريان الرئيس لها، كونها تربط كل إدارة بأخرى، وتُعد نقطة التواصل فيها، كما أنها مرآة للإدارات داخل المنظمة، فتعكس جهودها وتبرز مخرجاتها. حيث ظهرت أهميتها بالنسبة لمنظمات القطاعين العام الخاص منذ أن أصبح هناك ضرورة للفهم المتبادل بينها وبين الجمهور وأهمية احتوائهم، فأصبحت تهتم ببناء الصورة الذهنية الإيجابية ووضع ركائز لها تُسهم في نجاحها وترسم صورتها لدى الجمهور سعياً لتحقيق أهدافها. فالعلاقات العامة ترتكز على إدارة السمعة، وتسعى إلى زرع الثقة بين المنظمة وجمهورها. ونلحظ بأن إدارة العلاقات العامة تحظى بالعناية والاهتمام متى ما تم ربطها بالرئيس مباشرة، ولا شك أن موضعها في الهيكل التنظيمي يجب أن يخدم استراتيجية المنظمة ويحقق أهدافها، كما أن ربطها المباشر بالرئيس يعتبر الموضع الصحيح من وجهة نظري؛ وذلك لأن الأنشطة التي تقوم بها ترتبط ارتباطاً كبيراً برأس هرم المنظمة، وتؤثر على صورتها بشكل عام ورئيسها بشكل خاص، الأمر الذي يؤثر على قراراتها وخططها المستقبلية، بالإضافة أنها المحرك الأول في تموضع ومكانه المنظمة في المجتمع، وذلك لا يتحقق أو يصعُب تحقيقه إذا لم يتم ربطها بالرجل الأول في المنظمة، فكلما آمن بها القائد أصبح تأثيرها أقوى وعكس ذلك التأثير على صورتها الذهنية وعززها على جميع الصعد. إن الفرق بين العلاقات العامة والاتصال المؤسسي يكمن في اتساع مفهوم العلاقات العامة من الناحية الاتصالية بشتى أنواعها وأشكالها سواء مع جمهورها الداخلي أو الخارجي، وعليه فإنها تحتاج إلى تخطيط اتصالي استراتيجي على مستوى المنظمة والجمهور الخارجي، خاصة مع تطور الوسائل الإعلامية الحديثة؛ التي تمثل دوراً مهماً في تحقيق الأهداف والتأثير المرجو على المدى الطويل وتكوّن صورة وسمعة للمنظمة تضمن تحقيق التأثير المُعزّز لمكانتها لدى جمهورها المستهدف. ونستطيع القول إن الإعلام هو إحدى أدوات العلاقات العامة المختلفة حيث إن وسائل الإعلام -سواء التقليدية أو الحديثة والرقمية- يمكن من خلالها الوصول إلى الجمهور المستهدف الداخلي أو الخارجي ونشر الحقائق والمعلومات وتبادل الآراء والأفكار أو ترويجها، وبذلك يصبح الإعلام إحدى أدوات العلاقات العامة، ويمكن القول أيضاً من منظور آخر إن الإعلام أشمل من العلاقات العامة وذلك حينما ننظر إليه من ناحية القطاع مثل وزارة الإعلام أو كليات الإعلام. وهنا تظهر العلاقة والرابط بين العلاقات العامة والإعلام. ونجد من يخلط بين العلاقات العامة والإعلان، حيث يستخدم الإعلان في إيصال الفكرة والتسويق لها والتعبير عن وجهة النظر أو تغيير سلوك محدد لشريحة مستهدفة تعد ضمن خطط العلاقات العامة. ويُجمع المتخصصون في العلاقات بأن العلاقات العامة تلعب دوراً مهمًا بين الجمهور والمنظمة، ومن أبرز وأهم تلك الأدوات التي تعكس ذلك الدور هي المراسم، حيث أنها تنقل صورة إيجابية لأصحاب المصلحة من ناحية اهتمام المنظمة بأدق التفاصيل كما هو متفق دولياً ومحلياً، فالعلاقة بين العلاقات العامة والمراسم طردية، فكلما ارتفع حسن التعامل والرقي مع الآخرين واحترامهم وممارسة مسؤولي العلاقات العامة للبروتوكول وقوانينه بالشكل الصحيح فإنه يعكس صورة إيجابية رائعة لديهم. وفي الآونة الأخيرة انفصلت العلاقات العامة عن المراسم، فأصبح لكل منهما مهامه وأدواره المستقلة، حيث كان شائعاً في السابق أن تُناط مراسم الاستقبال والتوديع على العلاقات العامة، ولكن بعد اتساع ومعرفة عمق العلاقات العامة والمراسم أصبحت إدارة تؤدي مهامها وأدوارها المتخصصة، كما انفصلت أيضاً إدارة الفعاليات واصبح لها إدارة متخصصة ومناهج علمية تدرس أكاديمياً، وذلك ينقلنا إلى أنه لا يوجد تعريف واحد محدد لكل تخصص، فكلما اتسع مفهوم التخصص ووسائله وجمهوره ومحتواه أصبح له دورٌ مختلف عن السابق. وخلاصة القول: إن العلاقات العامة بمختلف مسمياتها تعتبر العصب الرئيس لكل منظمة، والشريان النابض لها، فهي بوابة التأثير على الجمهور الخارجي والعين الراصدة لكل ما ينقل عنها، والعقل المحلل لآراء جمهورها وأفكارهم وتطلعاتهم، فرجل العلاقات العامة هو رجل الإعلام والبروتوكول والمراسم والتسويق ومدير السمعة، وهو المحلل والمفكر والكاتب.