صفّدت الشياطين، وارتفعت المنابر بأصوات الأئمة لتلاوة آيات الرحمن الرحيم، روحانيات عجيبة في شهر الخير والقرآن والحسنات، انشراح في الصدر وصفاءٌ في الذهن، وخلوة عجيبة مع الله في دعوات سجودٍ طويلة، مُريحة كأنها بالماء البارد الذي يطفئ ناراً مُتقّدة، ليال رمضان التي تضج بالتجمعات وصلة الرحم وموائد الإفطار، أجمل ثلاثين ليلة في العام الهجري كلّه، برنامج غذائي صحي أثناء النهار وهو الصوم، وبرنامج رياضي للجسم وهي صلاة التراويح والقيام، وبرنامج روحاني يجمع مابين الشفاء ومغفرة للذنب وكفّارة للخطايا وهو قراءة القرآن وتكثيف الدعوات. تقول إحداهن: كانت جدتي تنصحني بالصوم إذا رأتني مُتعبة من آلام المعدة، وأطبق نصيحتها، وفعلاً يُجدي معي، والنتيجة تهدأ الآلام وترتاح المعدة، وتقول أُخرى: في رمضان يهدأ منزلي من المشكلات، وتتحسن علاقتي بزوجي وأطفالي، وأجد النشاط وانشراح البال، وبالتأكيد السبب هو الروحانيات والتقرّب لله في هذا الشهر الفضيل وغياب الشياطين فيه. ليالٍ يفرح بها الصغير قبل الكبير، كُنا أطفالاً نُحب رمضان ونقلّد أهالينا في الصوم، ونصلي معهن صلاة التراويح، ونشعر أن الحياة جميلة لأننا نرى الشّارع من حولنا مُزدحماً بموائد الافطار والمساجد مزدحمة بالمصلّين، والمجمعات التجارية ممتلئة بالمتسهلكين، نشعر أن رمضان حياة جديدة ولياليه لا تنتهي إلاّ مع صلاة الفجر ووقت الإمساك، عشناه أطفالاً مع الطنطاوي والشعراوي وفوازير رمضان، ذكريات جميلة وطفولة أجمل بالبرامج التلفزيونية التي كنا ننتظرها بفارغ الشوق والصبر كل ليلة. ليالِي رمضان ليالي سعادة وإيمانيّات وصدقات وزيارات بأجور مُضاعفة من ربٍ كريم، والمنازل تتزيّن بشرائط رمضان كريم، وعقود مضيئة بشكل هلال رمضان معلّقة في حديقة المنزل، وكذلك الأواني مطبوعة بعبارات رمضانيّة جميلة. حقيقة ليالي رمضان فرحة في القلب ودواء للروح المُتعبة، ورسائل سلام للمسلمين في كل أرجاء العالم.