في المجال الرياضي -وخاصة كرة القدم- يمارس بعض الإعلاميين حرية تصل إلى حد الفوضى في توزيع الشكوك وتوجيه الاتهامات إلى الجهاز الرسمي المعني بالرياضة وإلى اللجان المختلفة. هكذا بكل بساطة وبجرة قلم أو تغريدة تؤدي نتيجة مباراة في كرة القدم أو تطبيق النظام على نادٍ معين إلى اتهام بعدم العدالة، أو بنشر فكر المؤامرة، أو توجيه تهمة الفساد إلى إدارات الأندية، وهي تهمة من اختصاص الجهات القانونية الرسمية. يرى بعض الإعلاميين أن من حقهم التدخل في شؤون وإدارة النادي الذي يميلون إليه. يتعدى هذا التدخل حدود النقد –المرحب به– إلى الهجوم الشخصي والإساءة والتشكيك. يعتقد بعض الإعلاميين أنهم يشعرون بالمسؤولية أكثر من إدارة النادي، وأنهم يجب أن يديروا النادي عن بعد، وأن تنفذ الإدارة ما يطرحونه من آراء وأفكار ومقترحات تصل إلى حد التوجيه وإلا فسوف توجه لهم سهام الانتقاد. بعض الإعلاميين الرياضيين يلبسون قبعتين؛ قبعة الناقد، وقبعة المشجع. يرمون قبعة النقد ويلبسون قبعة المشجع المتعصب الذي يصدر الآراء حسب الميول، وبالتالي تأتي تلك الآراء متناقضة حول حالات متشابهة.. أحياناً يصل التعصب إلى لبس قبعة إدارة معينة ضد إدارة أخرى في النادي نفسه. أما بالنسبة لتناقض آراء بعض الإعلاميين فهو واضح وضوح الشمس؛ لكنه تعدى ذلك إلى نشر فكر التعصب، وتوزيع الاتهامات وإسقاط أسباب فشل فرقهم المفضلة على أسباب خارجية. يحدث ذلك بصورة واضحة خاصة من إعلاميي الفرق الكبيرة، الذين حولوا متعة كرة القدم إلى جدل ممل متواصل عن أخطاء التحكيم. يتحاور هؤلاء الإعلاميون (المشجعون) وكأنهم تعاهدوا على أن يتجنبوا النقد الموضوعي، والحوار الهادف، وممارسة إنكار الحقائق والتشكيك بالإنجازات، وعدم البحث عن الحقيقة. جدل موسمي وتعصب مكشوف وتنافس عنيف خارج الملعب لا علاقة له بالروح الرياضية، حوارات هزلية ليست من النقد ولا من التحليل ولا من الموضوعية ولا من الثقافة، وهي بلا شك أحد مصادر تغذية التعصب الرياضي الذي يتطلب تدخل جهات كثيرة، وصبرت كثيراً، وهي ذات علاقة مباشرة وغير مباشرة.. كوزارة الرياضة، وزارة الإعلام، وزارة الثقافة، وزارة التعليم، مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، اتحاد الإعلام الرياضي.. أما تهم الفساد فهي من اختصاص نزاهة. ليس المطلوب وقف الإثارة؛ فهناك فرق واضح بينها وبين التعصب. الإثارة لا تأتي برمي الاتهامات والتشكيك ونشر نظرية المؤامرة. النجاح والإنجازات تمر عبر طريق العمل الإداري المنظم والتقييم الذاتي وعدم إسقاط أسباب الفشل على أسباب خارجية، لكن الإعلام الرياضي الذي يفترض أن يعزز هذا الفكر العلمي هو نفسه بحاجة لتأسيس جديد بفكر مختلف.