ورد في كتب الأدب عن أشعب قال: خرجنا أيام الربيع إلى البادية نستمتع بالنسيم والعشب فضعنا ونزل مطر فزاد الضياع ونفد منا الزاد، وأصابنا جوع شديد مع برودة الجو ونزول المطر وطول السير، حتى رأينا خباء في الصحراء يجلس أمامه شيخ مسن فاستبشرنا خيرًا.. اقتربنا منه وقلنا: ضيوف.. فتهلل وجهه ورحب وهتف: أنعم وأكرم بالضيوف! فوقفنا عنده فقال أظن أن الجوع أصابكم في هذا الجو الذي يفتح الشهية! قلنا صدقت.. فتلمض وقال: ما رأيكم بثريد قد رُب بسمن ودُفن فيه لحم حنيذ وحُفّ بالصنوبر والزبيب؟ قلنا نحن والله نشتهيه، فقال وعمكم والله يشتهيه! فما رأيكم قبله بتمر تصل حلاوته من الفم للقدم مع زبد خالص ولبن طازج؟ فتحلبت أرياقنا وقلنا نحن والله نشتهيه فقال وعمكم والله يشتهيه! فما رأيكم بعد بخروف نجدي قد بُهّر بأطيب بهار وشوي على النار حتى سال شحمه على لحمه وفاحت رائحته المغرية ونضج داخله فذاب في الفم وقسا قليلًا خارجه فتهشّم تحت الأسنان ؟!، قلنا نحن والله نشتهيه ونهفو إليه!، فقال وعمكم والله يرقص له! ونظر لنا وقال: وما رأيكم بكبدة حاشي قد تم قليها على شحم سنام نصف استوا طعمها يطير في الدماغ؟ فقلنا مرحى لها ومرحبا نحن والله نشتهيها، فقال وعمكم والله يشتهيها! ثم عد لنا أصنافًا من أحسن الطعام وألذ الأطباق زادتنا جوعاً على جوعنا، وكلما قلنا نحن نشتهيها ضحك وقال وعمكم والله يشتهيها ويتمناها ويرقص لها!.. ثم قام فركب على حمار أجرب أعرج وأشار بيده قائلًا: إني ذاهب لصيد ما وجدت من خشاش الأرض كضب أو جربوع لأسد به الجوع!... فانصرفنا خائبين غاضبين قد زادتنا أوصافه جوعًا على جوع! ولم نجد عنده غير أماني المفلسين وأوهام التائهين!.. ما أشبه من يتبعون الذين يوصون بتدبيلة في سهم أو عدة أسهم وخلال فترة قصيرة بأشعب ومُضيفه!