يحلُّ اليوم العربيّ لحقوق الإنسان كعادته في السادس عشر من شهر مارس؛ إلا أنّ هذا اليوم من العام 2022م اختلف عن سابقه، يأتي وقد أصبحت حقوق الإنسان في العالم في حيص بيص، وفي هرجٍ ومرجٍ، وجاءت النزاعات لتُظهر المُختبئ وتستبين ما هو غائب عن الأنظار والأسماع؛ ليظهر الوجه الحقيقيّ للمتشدقين بالحقوق الإنسانية، ويبين الوجه الحقيقيّ بما يُوصف بالحضارةِ الغربية؛ فالمنبهرون بها والمتمثلون فيها رأوا رأي السمع والبصرِ ما آلت إليه القيَم والمبادئ والأخلاقيات التي كانت مرآة لما هو غير واقع. ولقد استبانت هذه الصراعات والاختلافات، بل الحروب التي اندلعت أنّ المُنادين بما يدعونه حقوقاً إنسانية ذهبت أدراج الرياح، وغابت منظمات حقوق الإنسان وهيئاتها، وتوارى نُشطاؤها والمستصلحون منها، فما جاء بالإعلانات والمبادئ التي أعقبت الحرب العالمية الثانية في العام 1945م من مناداةٍ للسلم والاستقرار العالميين حسب مفهوم المُنتصر وحسب إملاءاته في ذلك الوقت، وحسب مصالحهم وأهدافهم ومراميهم وما يأملونه من تلك الأنظمةِ والإعلانات؛ إلا أن ما حدث ويحدث في الآونة الأخيرة حجّم التناقضات والمضادات والتباينات من الشعارات السياسية والإنسانية والحقوقية والأخلاقية بين ما هو واقعٌ على الأرض، وبين المريء والمسموع، فظهر التمييز المُقيت بين البشر، وكشّرت العنصرية عن أنيابها، واستبانَ كل ما هو خفي، ومع ما تعايشه بعض شعوب الدول العربية من صراعات ونزاعات؛ إلا أنّها أحسن حالاً من الدول الغربية التي نشبت خلافات ونزاعات بينها؛ رغم فارق الزمن الذي عاشه العربيّ والزمن الذي يعيشه الغربيّ الآن فيما يتعلق بالحروب والنزاعات واختلال الأمن. ويشهد بذلك الغربيون أنفسهم، فتقول مجلة نيوزويك الأمريكية بمقالٍ للدكتور جيري عن وضع حقوق الإنسان في دولِ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصةً في السعودية؛ "مُثنيًّا على التطورات والإصلاحات الأخيرة التي شهدتها المملكة العربية السعودية في هذا الشأن على يد ولي العهد صاحب السمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، في المجالات القانونية والتشريعية واحترام الحقوق والحريّات"؛ حيث تجاوزت الإصلاحيات والتشريعات 90 إصلاحًا أسهمت في ارتقاء تصنيف المملكة حسب المؤشرات العالمية لحقوق الإنسان. ويأتي نظام الأحوال الشخصية الجديد في المملكة العربية السعودية ليُضيف لبنات فيما يتعلق بالمرأة والأسرة، ومن أبرز مضامين ذلك النظام: تحديد السن الأدنى للزواج ب 18 عامًا، ومعالجة الأحكام المتعلقة بغياب الولي أو عضل المرأة بما يسهل مسألة الزواج وانتقال ولاية الزوج إلى المحكمة مباشرةً، والتأكيد على حق المرأة في نفقة زوجها عليها بغض النظر عن حالتها المادية، وحفظ نسب الطفل وتضييق السبل أمام طلب نفيه، وإعمال الطرق الحديثة بما يتعلق بإثبات النسب، ومراعاة مصلحة الحفاظ على كيان الأسرة في احتساب عدد الطلقات، وغيرها. وهذا النظام بُنيَ وِفقَ مقاصد الشريعة الإسلامية وأخذ بأفضل الممارسات القضائية، وروعيَ في إعداده أحدث التوجهات القانونية ومواكبة مستجدات الواقع ومتغيراته. وما انحسار كوفيد- 19 إلا بفضلٍ من الله ثم بجهودٍ مباركةٍ بُذِلت، وسبقت المملكة العربية السعودية دول العالم في هذا المجال؛ فلله الحمد من قبل ومن بعد، وهذا بعض ما تعيشه المملكة العربية السعودية وما تسعى له حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وما توفّره للمواطنين والمقيمين على حدٍ سواء؛ سواءٌ من الإخوة العرب أم من غيرهم بمختلف جنسياتهم وتوجهاتهم، وما حلول اليوم العربي لحقوق الإنسان في هذا الوقت الذي يعيشه العالم من نزاعات، وما تعيشه المملكة من أمنٍ ورغد عيش وهناءٍ واستقرار إلا دليلٌ قاطع على نتاج سياساتٍ حكيمة عادلة هادفة إلى إحقاق الحق وإعطاء الإنسان حقّه دون مواربة أو مزايدة، وها هو ولي عهد المملكة العربية السعودية بمتابعةٍ من ملكها خادم الحرمين الشريفين، رجل العزم والحزم والعقل والحكمة، يضعان اللبنات بعضها فوق بعض، ويؤكّدان أن العدل قائم والمساواة سائدة والحق محفوظ والأمن مُحقق، والرؤية الوطنية بكافة أجنحتها طائرة وعلى الخيرِ سائرة.